قال لي صاحبي الذي أعرفه منذ نصف قرن ,هل لديك بعض فراغ لنتحاور في موضوعة حيوية تشغل إهتمامي منذ أيام , اجبته أنا على اتم الاستعداد اذا كان موضوع الحوار يستهدف التوصل الى حلول نافعة , قال نعم , سيكون حول الثقافة في الصحافة وما جاورها , سررت لهذا المقترح لسببين أولهما كوني أحد المبتلين بالكتابة الإبداعية وثانيهما خبرتي الوظيفية التي تراكمت من خلال عملي في الدار الوطنية للتوزيع والاعلام والنشر التي ألغيت تحت ذريعة تقليص النفقات , قلت لصاحبي العتيد توكل , قال : كم تتقاضئ ثمناً لما تنشره في صحفنا المحلية , أفزعني سؤاله فقلت متبرما : أوقفت الصحف العراقية المكافأت لكتابها منذ اكثر من عام بإستثناء صحيفة واحدة لا أريد ذكرها لكي لا أتهم بالإعلان عنها والترويج لها ,وأعلم يا صاحبي ان هذا الإيقاف هو امتهان لكرامة الكاتب وعدم تثمين جهده , فهو يبذل مسعاه في كتابة موضوعه شعراً أو نثراً , ويذهب الى مكاتب الاستنساخ والطباعة ليحول موضوعه الى الطباعة الالكترونية التي تتعامل وفقها جميع صحف البلد , ويدفع ثمن الطباعة صاغراً اذا كان مثلي لا يجيد استخدام الآلة الحاسبة , ثم يبعثها الى هذه الصحيفة أو تلك منتظراً ظهورها بعد أيام , هكذا يا صاحبي هو حالنا الراهن ,وهل كان هذا السياق قائماً من قبل ؟ صدقني ان مجلة التراث الشعبي في عهد رئيس تحريرها المرحوم لطفي الخوري , كانت تبعث اجور كتابها بحوالة بريدية على عنوانه, أما مجلاتنا الرضية التي تصدر عن وزارة الثقافة فكانت وما زالت مكافأتها مجزية , لكن المشكلة في هذه المجلات , أصبحت فصلية واحياناً بين شهر وآخر , ولا أجد مبرراً للمضي في هذا السياق فالبلد الان غير خاضع للعقوبات الدولية , والمبدعون في تزايد ونضج , فلمَ لا تعود هذه المجلات الى سابق عهدها , قال صاحبي لقد أدميت قلبي وماذا بعد ؟ تصور أني – وهذه من مصادر معلوماتي التي لا أفصح عنها – ان عدد النسخ المطبوعة من كل صحيفة لا يغطي حاجة طلاب جامعة واحدة من مئات الجامعات العراقية وازيدك من الشعر بيتاً كما يقال, ان الواقع يقول نحن الان على عكس مقولة برناردشو زيادة في الانتاج وسوء في التوزيع لابل أجزم اننا نعاني من سوئي الانتاج والتوزيع ويمكن لأي منصف زيارة بورصة الصحف في باب المعظم ليشاهد الكارثة بإم عينه , فيا أهل الشأن الثقافي / الحكومي أعيدوا الدار الوطنية لممارسة عملها وأحرصوا على إعادة النظر بتثمين جهد الكتاب احتراماً لجهودهم وتقديراً لعقولهم النيرة ..

واذا أعيتكم الحلول عليكم يا ولاة الأمر بتقليص هذا الكم الهائل من الصحف الهامشية التي لا تستقبل إلا الغث السائد , ويكفي هدراً للورق وللطاقات البشرية , ولا يفاجئني من يرى ان هذا المقترح يتناقض مع مبادئ الحرية والديمقراطية التي نرفل في ظلالها , وأخيراً أدعو أنصافنا نحن الذين عميت ابصارنا ووهنت اعضاؤنا ولم نحصد إلا الإهمال والتهميش .. وياريت تكون صحيفتنا هذه أول من يستجيب لتلبية حقوقنا , ولي عودة يا صاحبي الى ذات الموضوع ان لم نحصد ثمار مساعينا ..

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *