في خضم النزاعات والتناقضات بين الأحزاب والكتل السياسية ، وفي ظل استشراء الفساد وتعدد رؤوسه وانفتاح الكثيرين على الرشا وتعطيل مصالح الناس بغية الابتزاز ، وتخوف المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال من توظيف أموالهم في المشاريع الإنتاجية ، اصبح من الضرورة بمكان تشريع قانون الأحزاب الذي صار غيابه عن التشريع في مجلس النواب يحمل الكثير من علامات الاستفهام أقل ما فيها الفساد المالي وأكثرها خطورة التمويل المالي الخارجي .
ليس من المنطق والمعقولية ، أن ترتفع سنويا أو قبيل كل حملة انتخابية ، موجة جديدة من الكيا نات والمنظمات السياسية ، التي كثيراً ما تكون ولادات لأحزاب وكيانات قائمة وبعظها تستهوي الانتخابات بدفع مالي خارجي بغية الصعود لمجلس النواب .
إن تشريع قانون الأحزاب واقراره ، ليس إضافة خارج سياقات الفعل ، وإنما هو ضرورة للحماية الوطنية من الاختراق لسياقات الدولة وامنها الداخلي ، ومن ممارسات التخريب للعقل المجتمعي ، ومن سياسات التفريق بين مكونات المجتمع تحت دواعي الحماية للمفاهيم الطائفية والعرقية .
إن اكثر من ( 300) حزب وكيان ومنظمة سياسية ولدت اكثرها بعد الاحتلال للعراق ، وبعظها انشطرت بطريقة الاستفادة وأخرى ولدت لسهولة الحصول على التمويل المالي الداخلي والخارجي ، إن هذا العدد وما يتم صرفه من أموال طائلة خلال الانتخابات يعكس حالة الفوضى السياسية ، وليس التطور الفكري والسياسي في البلاد لكون معظم هذه الكيانات هي رهينة المصالح الذاتية والانتماءات العرقية والمذهبية التي كثيرا ما تعكس جوهر التوجهات التي لا تعكس الرغبة في تعزيز الوحدة الوطنية ولا تطوير العلاقات المجتمعية ، ومن خلالها وبها صار التدافع العشائري على اشده ومنها وبها صار التطاول على حقوق المواطنين والتهديد لهم باسم العشائرية .
إن عمليات الصرف المالي للأحزاب والكيانات السياسية التي تتجاوز المليارات لكل كيان سياسي وحزب يؤشر دون ادنى شك بأن هذه الأموال مأ خوذه من المال العام أو إنها تعبيرا عن العلاقة مع اطراق وقوى وحكومات خارجية وهذا اخطر ما يستهدف البلاد . لذا يصبح من الضرورة بمكان تشريع قانون الأحزاب واطلاقه في البلاد ليكون الحاكم في العلاقة بين الدولة وقوانينها من جهة والأحزاب وبرامجها من الجهة الثانية .
منذ ( 20) عاما أو لنقل منذ ( 15) عاما والأحزاب والكيانات السياسية تتنافس على مقاعد مجلس النواب ولكننا لم نشعر من إنها على اختلاف منابعها الفكرية والسياسية اضافت وعيا ثقافيا وسياسيا ووطنيا للمجتمع العراقي ولا تمكنت من بناء أو تطوير مؤسسات الدولة ، وهذا الأمر يضيف للمخلصين في مجلس النواب والقوى السياسية إضافة رصينة للمطالبة بتشريع وإصدار قانون الأحزاب والعمل به .
إن فوضى الأحزاب والمنظمات وانشأ الجديد منها ، لا يعبر عن السلوك الوطني البناء و منهجية العمل الديمقراطي ، وإنما هو تعبير عن فوضى العمل والاستفادة قدر الإمكان عن أموال الدولة ,
ومن ينظر للأموال التي كانت خلف رئيس الوزراء التي سرقها شخص واحد ، ويفتح عينيه الى المزابل واكوام النفايات ويرى عشرات الأطفال الباحثين عن البلاستك العتيق والملابس والحاجات الأخرى بغية بيعها في السوق ، يشعر تماما بأن هذا الكم الهائل من الأحزاب والمنظمات والكيانات السياسية هي وليس غيرها سبب هذا الوجع ، لذا بادروا بإقرار قانون الأحزاب لتكون الضوابط بعده ..