الانسان هو الاسلوب ، وهو الخاصية والسلوك ، ولابد من فرق بين إنسان وآخر ، بهذا الشكل اوذاك ، وهذا مايمكن الإقرار به في كل الحالات ، الا ماتجاوز الخطوط الحمر او اقترب منها !

من بين مذيعاتنا اللامعات في تلفزيون العراق ، ايام زمان ، ثمة مذيعتان تمتلكان كل اسباب النجاح والتألق ، فلهما حضور واضح وألفة محببة على الشاشة الفضية ، وثقافتهما العامة ليست خارج نطاق التغطية ! بل وتحظيان باعتزاز مشاهديهما وارتياح العائلة العراقية .

المشكلة بين المذيعتين تكمن في أن احداهما تشعر بالغبن وترى ان الفرص المتاحة امامها في العمل البرامجي لاترقى الى ماهو متوفر امام زميلتها ! وهذا مايجب معالجته فورا ! والحقيقة هي الحقيقة إذ لاإجحاف في الامر ولاهم يحزنزن ، ولكن اكثرهم للحق كارهون ، ولاينظرون للفروق الفردية بعين الاعتبار ، فالمذيعة التي تشكو من قلة البرامج التي تكلف بها ، لها طباع خاصة ، وهي بحاجة دائمة الى من يتفهم ظروفها الطبيعية وغير الطبيعية ايضا ! فهي مثلا تحضر متأخرة عن موعد حضور سيارة الواجب بنصف ساعة !

وفي الطريق الى موقع التصوير ، تتذكر انها لم تفطر جيدا ! وتطلب التوقف عند محل ( عصير الحاج زبالة ) فقد اشتهت العصيرالطيب والجبن والصمون الحار ! التي يتميز بها المحل ، فيتوقف الركب لتلبية الطلبات، وبعد التوجه الى موقع العمل تشكو المذيعة من ( الحـــر) الذي اساح الماكياج ، مما اضطر المخرج الى تأجيل العمل الى يوم الغد ، ليعود الفريق ادراجه من حيث اتى ! وضاع الجهد والوقت والحماس .

إن هذا الامر لايتكرر مع المذيعة الأخرى التي تحصل على وفرة من البرامج ، لان الامر سيختلف بالتأكيد ، فهي تقف بانتظار السيارة قبل ان تصل الى السكن ، بربع ساعة ، جاهزة للانطلاق ، وتخرج من حقيبتها (ترموس) الشاي المهيل ، مع كيس مشترى مسبقا من (كعك السيد ) الشهير وتقدمه باقداح بلاستيكية لطاقم العمل ! اما الماكياج فلا يتحرك من مكانه لأي سبب كان ! ويبدأ التصوير بعد الاطلاع على موقعه بروح رياضية !

وينجز كل شيء في مدى ساعة ونصف من الوقت ! لينتهي العمل في سوق البزازين ببغداد بعد ان هيأت له المذيعة المعلومات اللازمة لإثراء الموضوع ليكون جاهزا للمشاركة في مهرجان القاهرة السنوي للاذاعة والتلفزيون “، وهذا ماحصل فعلا لاحقا ، إذ حاز البرنامج الجائزة الاولى في مجال الافلام الوثائقية وتم تكريم مذيعته ومعده ومخرجه ! هنا نقف قليلا عند العمل الفني ، عندما يكون ابداعيا ومستوفيا لشروط النجاح والتفوق ، انه قيمة عليا تتجاوز الظروف والمعوقات لتستقر عند الحقائق الموضوعية على ارض الواقع ، فكلما كانت الامور مدروسة كانت اسباب النجاح اكثر توفرا وهذا ماينطبق على مذيعتينا اللامعتين .

ان الظهور الملون الانيق مطلوب حتما وكذلك الالتزام بضوابط الانتاج التلفزيوني العامة ، ولكنه ليس كل شيء ! التفاصيل احيانا تصنع العجب العجاب ، فلا احد يهمل التفاصيل وما ادرلك ماالتفاصيل !

واخيرا ، ثمة سؤال حائر : اطرحه هنا ، على القاريء الكريم ، لو كنت مخرجا تلفزيونيا ، من ستختار لتقديم البرنامج؟ وانت مرتاح الضمير !

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *