تختلف القيادة عن الادارة في جانب مهم فيها، هو التأثير الإنساني لشخص القائد في من يوجههم ويقودهم، الى جانب صفات أخرى تتميز بها القيادة عن الإدارة. هناك اليوم ادارات كثيرة تعتمد في قراراتها وعملها على أنظمة العمل وتكنولوجياته الحديثة، والتي يمكن ممارستها عن بعد وليس بالضرورة ميدانياً.
ولما كانت القيادة تتميز بذاك التأثير الإنساني، كما ذهبت الإشارة، فإن الصفات الشخصانية للقائد تصبح من الأهمية بمكان في نجاحه وفشله. فالقائد الغبي والأبله والمتقلب المزاج والعصبي وغير البشوش دائماً، من ناحية، والمتعجرف والمتكبر والعنجهي، من ناحية أخرى، هي صفات سلبية لا تعبنه على نجاحه في العمل.
من هنا يحرص القادة من ساسة ومدراء واقتصاديين ومعلمين وتربويين وحتى عسكريين، أن يظهروا ويتصرفوا بما لا يثير حفيظة المتلقين لتوجيهاتهم ولأوامرهم، إذا ما أرادوا نجاحاً في مهماتهم.
إن التاريخ يحدثنا عن كثيرين من ملوك وسلاطين وحكام وولاة ممن كرهتهم شعوبهم ورعيتهم ليس الا بسبب غلظتهم وعنجهياتهم وتبجحاتهم، في ذات الوقت الذي أحبت تلك الشعوب من قادهم بحكمة وتواضع ومحبة.
من جانب آخر فإن لصفات العنجهية والتبجح آثارها السلبية في التعامل سواء مع المعارضة السياسية أو في بناء العلاقات الخارجية. والعكس بالعكس صحيح.
ان القادة المحظوظين بسجايا التواضع والحكمة وبعد النظر، كانوا قد أدركوا ما يحبب النفس الإنسانية الى من يقودها. كما أنهم أدركوا ان الاذعان والخنوع وحتى القناعة المفروضة عليهم عمرها قصير وان طال، وسيأتي اليوم الذي سيجد القائد المتعجرف المتبجح نفسه وحيداً وقد تخلى عنه من كان يصفق له بالأمس خوفاً وطمعاً، حتى وان كان ذلك القائد موهوباً ونظيف اليد!
وصدق الله العظيم في كتابه الكريم:
”ولو كنت فظاً غليظ القلب، لانفضوا من حولك”