افتتاح ناجح وتنظيم محكم لبطولة الخليج العربي الخامسة والعشرين في البصرة، هي البداية الصحيحة لعودة اسم العراق الى الواجهات العربية الرياضية والاجتماعية العامة من غير بوابة السياسة التي ألحقت في السنوات الأخيرة الأذى بالصورة العراقية لأسباب كثيرة، منها ما هو محلي مثل الفساد والتدهور الأمني السابق، ومنها ما يتصل بمواقف سياسية من احداث عربية، لك تكن لتسهم في عودة الاندماج بالمحيط العربي بسهولة.
لم يتوقف العراقيون كثيراً عند عدم تحقيق منتخبهم فوزا في مباراة الافتتاح الأثيرة ضد المنتخب العماني، لأن شغفهم في الفوز بإظهار نجاح التنظيم والانضباط كان أكبر في نفوسهم.
في البصرة تجلى جوهر العراقيين الأصيل في محبة جميع الدول العربية، وهو جوهر يظهر التصالح الإيجابي للعراقيين مع أنفسهم من دون الخضوع لأي تأثير سياسي مشاغب، أو مغرض، أو جاهل، أو لئيم.
بطولات الخليج حين تخلو من المشاركة العراقية تفتقد الى الثقل والعمق والبريق، مهما كانت الأضواء حولها براقة، فالعراق الذي يعد اثنين وأربعين مليوناً وله تاريخ طويلة في الاسهام في بطولات عربية وقارية وعالمية كثيرة في كرة القدم خاصة، له إمكانات معنوية قبل المادية في نقل البطولة الخليجية الجارية الان أو اية بطولة لألعاب أخرى مستقبلا الى أفق عال من التألق والمنافسة.
في الوقت الذي يحتاج العراق الى تفاعل جدي ومدروس في الانفتاح على الدول الخليجية في النواحي الرياضية التي تشهد لديهم اهتماماً ودعماً وجماهيرية كبيرة.
الرسالة الأولى التي قدّمتها البصرة باسم العراق هي انّ الشعب العراقي هو عنوان الاحتضان الأكبر للعرب ضيوفا ومنتخبات، وانَّ المخاوف الأمنية التي كانت هاجس بعض الفرق الخليجية في الماضي، حلّ مكانها ذلك الطوق الشعبي الكبير المحتضن بمحبة جميع الاشقاء.
ليس مهما أي فوز للمنتخب العراقي، فالهدف ليس الفوز ببطولة خليجي، لكن الفوز الحقيقي هو في رسوخ العنوان العراقي كواجهة تنظيمية لنجاح البطولة. يا ترى متى ترسخ العناوين غير الرياضية للبلد في التفاعل الإيجابي مع العرب من دون الخضوع لتأثيرات الرياح السياسية.
كون الواجهة البحرية للعراق ضيقة، وربما ضاقت في العقود الأخيرة اكثر من ذي قبل، ليس مبرراً للاستمرار في بعد العراق عن التقارب الخليجي ، بقصد او من دون قصد. ثمة مشتركات كثيرة بين العراق ودول الخليج لم تشتغل جميع الأطراف على تنميتها لذلك كانت رفي معظم الأحيان واهنة سهلة التهديم في العقود الماضية، غير ان الفرصة لاتزال كبيرة في تحقيق التقارب الإيجابي ما دمنا في محيط إقليمي جغرافي واحد، يجعلنا امام التحديات العالمية الكبرى عند مصير مشترك.