ما الذي يحمله القديم بين طياته ؟ وما هو التغيير الذي جاء به الجديد ؟
هل من ثمة مسافة فاصلة في طولها وحجمها واتساعها بين القديم والجديد ؟
أيكون القديم مجرد مرحلة انتهت وأغلقت عليها الأبواب , وأنه ليس من المبرر أن نعود اليها أو نلتفت ؟
ثم أيكون الجديد قد كسب الرهان في معركة حاسمة مع القديم ؟
ومع ذلك فان المسألة قد لا تبدو واضحة للكثيرين في أوجه المقارنة بين هذا وذاك .
والواقع أننا نظلم القديم في أية محاولة لأهماله , ونتعدى حدود الجديد اذا أغفلناه .
فكل له أسبابه ومقوماته , ذلك لأن الجديد لم يقم من تلقاء نفسه وانما أخذ جذوره من القديم وهو امتداد له .
القديم له محاسنه وعيوبه كما في الجديد , غير أن القديم استهلك وقتا من الزمن طال المئات من القرون .. بل تحديدا منذ ظهور الانسان على سطح الأرض وكفاحه المستمر لبناء حضارة راحت تتراكم يوما بعد يوم بكل انجازاتها لتحمل معها رياح التغيير في كل شيء , ولينتقل الانسان معها من البدائية الى المدنية .
والجديد الذي نحياه اليوم ما هو الا نبض مستمر لهذا القديم .
والذي ينتقد القديم يخطيء خطأ فادحا لأن هذا الجديد سيكون أيضا قديما بعد بضع سنوات , فماذا سنقول عنه ؟
ان التطور يفرض نفسه حقا , والذي يرفض التجديد يكون خاسرا , اذ أن دورة الزمن لا تتوقف , فلماذا نحن نتوقف في المكان دون أن ننظر الى الغد نظرة مختلفة عن اليوم ؟ انه التغيير يفرض نفسه .
على أن المرء الذي له بصيرة أن يفرز الغث من السمين والضار من النافع , وأن تكون له قناعة تامة بأن هذا الجديد ليس فيه ما يقتلع شخصيته ليحيلها الى مجرد صورة مهزوزة مقلدة .
لقد خلف لنا القديم ارثا هائلا أعطى لحياتنا منهجا وسلوكا , غير أنه ليس لزاما علينا أن نقف ولا تكون لنا خطوات جديدة في المسيرة , وان كانت ثمة عيوب في هذا القديم فمن الحكمة أن لا نغفلها وأن نضع النقاط على الحروف في كل خلل فيها ليتبين أين الصواب وأين الخطأ .
نعود للقول بأنه لا غنى لنا عن القديم والجديد معا .. هكذا هي المسيرة , اذ من الصعب الفصل بينهما أو حجب أحدهما , وكل خطوة خطوناها بالأمس ستكون معها خطوة جديدة في الغد .
أجل هكذا هي المسيرة .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *