(٨) الاف كيلو متر، هي المسافة الفاصلة بين مدينة البصرة العراقية، وبرلين الالمانية، ورغم هذه المسافة الطويلة، الا ان المدينتين تتشابهان وتشتركان في بعض صفاتهما،ومنها عدد النسمات ، اذ يبلغ سكان كل منهما نحو (٣) ملايين ونصف المليون نسمة، كما تمثل كل منهما مركزا اقتصاديا وسياسيا وتجاريا مهما للبلدين، وتشترك المدينتان في ان كل واحدة منهما تمثل احدى اكبر ثلاث محافظات او ولايات في المانيا والعراق، وثمة قاسم اخر تشترك فيه البصرة وبرلين الا وهو حرف (الباء – B) فكلاهما يبدآن بهذا الحرف, الذي يعد الحرف الثاني، في كل من اللغتين العربية, والالمانية، ولعل هذه المقارنة البسيطة بين البصرة العراقية وبرلين الالمانية، لم تكن بهدف بيان القواسم المشتركة بين المدينتين، ولكن اردت من خلالها التوطئة، لقضية اهم، اذ كان للمدينتين خلال الايام الماضية دورا ذا اثر كبير في المشهد العراقي برمته، بل اكثر من ذلك حتى العربي، وربما العالمي ايضا، فالبصرة قد رسمت صورة جديدة للعراق، عبر النجاح المبهر، وغير المسبوق في تنظيم بطولة خليجي (٢٥)، ومن خلال هذه الصورة، فُتحت افاق واسعة، ستكون ثمارها كبيرة على العراقيين، ثمار اقتصادية وسياسية وتجارية وسياحية، واجتماعية، تسهم في خلق حالة من الاستقرار الكبير في العراق والمنطقة، ولعل اولى هذه الثمار، تحسّن مستوى الجواز العراقي على مستوى العالم، فقد اذهلت البصرة والبصريون العالم اجمع ، فيما قدموه من كرم ودقة في التنظيم واجواء مستقرة وآمنة، الصورة التي رسمتها البصرة، بددت تلك الصورة القاتمة التي رسمها الاعلام العربي للعراق على مدى ٢٠ عاما مضت، فعاد هذا الاعلام، ومن البصرة، ليقدم صورة العراق الحقيقية، صورة جعلت الدنيا كلها تستشعر عظمة هذا البلد ، وقدرته على العودة لممارسة دوره “الجيواقتصاسياسي”، هذا الدور سينطلق من البصرة، عبر مينائها الكبير، ودورها المتعاظم الذي سيمثل نقطة عالمية مهمة في التعاملات التجارية والمصالح الاقتصادية بين الشرق والغرب، وصولا الى اوربا، ومن هناك الى برلين، التي استقبلت رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اذ تعد هذه الزيارة خطوة مهمة في طريق تفعيل التعاون المشترك بين البلدين، لاسيما من جهة القدرات الالمانية الهائلة، وتعطّش شركاتها العملاقة الى العمل والاستثمار في العراق، في مجال الطاقة، ومجالات اخرى كثيرة، ويمكن للعراق ان يستثمر امكاناته فيما يمتلكه من قدرات نفطية وغازية، في ظل ازمة الطاقة التي تشهدها اوربا، متأثرةً بتداعيات الحرب الروسية- الاوكرانية، وهنا يمكن للجانبين وضع آلية مناسبة، يمكن من خلالها الاتفاق على تزويد المانيا بالنفط ، مقابل دخول شركاتها الى الاستثمار في مختلف القطاعات التنموية، وفي مقدمتها الكهرباء، التي مازالت تمثل عقبة كأداء تواجه الحكومة، وتنغص عيش العراقيين في الشتاء والصيف، ولذلك فأن وجود المانيا، عبر تفعيل مذكرات التفاهم التي جرى توقيعها بين الجانبين خلال زيارة السيد رئيس مجلس الوزراء، تمثل فرصة مهمة لتغيير المشهد العراقي، من حيث تحسين مستوى الخدمات في مجال الصحة والتعليم والسكن والبنى التحتية، والصناعة التحويلية والزراعة، وتوفير فرص العمل، والخروج من متلازمة ازمة الطاقة الكهربائية على مدى عقود من الزمان.
ولكن في المقابل فاني اعتقد ان هناك الكثير من العقبات التي ستطفو على السطح، لارباك او عرقلة او على الاقل تأخير جني ثمار ماتم غرسه في البصرة وبرلين، اذ من المؤكد وجود جهات داخلية وخارجية، لايرضيها مثل هذا التطور الايجابي في العراق، لذلك فانها ستسعى الى اثارة المشكلات هنا وهناك، لافراغ ما تحقق في البصرة وبرلين من محتواه.
—-

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *