الكاتب صلاح حزام
قبل ايام ، كنت اتحدث مع شخص عراقي جمعتني به الصدفة ، قال لي انه عاد من العراق قبل اسبوع.
تحدث الرجل الشاب بمرارة عن الاوضاع ، لاسيما عدم الاكتراث بالقانون والنظام وتحذيرات الاجهزة الحكومية.
قال ان معظم الناس يبدو عليهم الرضا والقبول بهذه الحالة ، لانهم يعيشون كما يشاؤون دون سطوة الدولة والقانون التي تقيّد سلوك الناس في العالم المتقدم.
يبدو ان هناك حنين الى مرحلة ماقبل الحضارة وقيام الدولة وسيادة القانون!!
انهم يتلذذون في الغالب في ان يلعبوا دور الحاكم والمشتكي والمنفّذ للاحكام!!
والّا مامعنى الدگة العشائرية والقتل العمد للثأر والانتقام؟
مامعنى سطوة العشيرة والتهديد والابتزاز بأسم العشيرة؟
الناس احياناً يذهبون ضحايا ويدفعون فصول عشائرية ضخمة بسبب تلفيق تهم غير حقيقية والتهديد بالقتل في حالة عدم الدفع !! الكثيرون يضطرون للدفع خاصة اذا لم تكن لهم عشائر متنفذة ( أقوى من الدولة)!!
توسيع البيت على حساب الشارع وبناء بيت في ارض حكومية او ملك لافراد آخرين وبوثائق مزورة !!
انه فردوس للّصوص والادنياء وذوي الميول الاجرامية.
موظفون يستطيعون ايقاف أية معاملة مهما كانت شرعية وسليمة، الا بعد استلام الرشوة ودون خوف من العقاب !!
مشاريع استثمارية لايمكن انجازها دون دفع الأتاوات..
انه جنة اللصوص والخارجين عن القانون.
اتصور ان عصابات المافيا في الولايات الامريكية الكبرى قد تفكر في نقل اعمالها الى العراق ، او ربما نقلتها بالفعل، لانها لايمكن ان تجد بيئة داعمة للصوص مثل بيئتنا الحالية.
لاسيما واننا ، باعتبارنا بلداً ديمقراطياً يسوده حكم القانون،
نعامل المجرمين الذين دمروا البلد ونهبوه وفق اتفاقيات حقوق الانسان ونعاملهم بحنان وانسانية كبيرة ونتساهل معهم الى حد تسهيل هروبهم او افلاتهم من العقاب اذا قاموا برشوة او تهديد قاضي ( قتلوا قاضياً مختصاً بقضايا المخدرات قبل ايام) ولايستطيع احد إيقافهم لان القضاء مستقل ولا أحد يمتلك الحق (دستورياً) في الاعتراض على القضاء حتى اذا اطلق سراح اكبر تاجر مخدرات لعدم كفاية الادلة !! لأن ذلك انتهاك وخرق للدستور وتلك من الكبائر طبعاً..
هذه البيئة فردوس للمتوحشين أعداء المدنية والتقدم لانهم يفعلون مايشاؤون !!
يمكن ان يكون ذلك رد فعل طبيعي ضد عقود من سحق النظم الدكتاتورية للناس بأسم القانون والدولة لأن معظم الناس سعداء ومستفيدين بشكل من الاشكال من هذه الفوضى ووضع اللادولة..
القانون قيد على السلوك والنزعات الفطرية والمزاجية للأفراد ، وإمكانية قبوله تعتمد على شرعية السلطة التي تشرّع ذلك القانون.. ومع ذلك قد يجد البعض ان القانون يمثل قيداً على رغباتهم ، وسوف يشعرون بالسعادة عند غياب ذلك القيد / القانون.
هناك اشخاص في العراق يحصلون على عشرات الملايين بشتى الطرق ويستثمرون الملايين خارج العراق ويسكنون افضل البيوت في افضل المناطق ويستطيعون اقامة علاقات مع اعداد كبيرة من النساء ويذهبون الى الملاهي ويخسرون الكثير من المال على موائد القمار داخل وخارج العراق ويركبون افضل السيارات ويقتلون من يرغبون في قتله او معاقبته بشتى الطرق الرسمية وغير الرسمية.
لديهم حمايات واتباع ومرتزقة !!
ما الذي يجعل هؤلاء الأوغاد يتخلون عن هذه الحياة الاسطورية ؟؟
هل هو الخوف من الله ومن عذاب جهنم؟؟
يمكن لهم شراء فتوى من رجل دين كذاب ومرتزق تبرر لهم افعالهم ، هذا بافتراض انهم يؤمنون بالله أصلاً ..
سوف يقاتلون بضراوة دفاعاً عنها..
(آخر فضيحتين تم الاعلان عنهما على قنوات التلفزيون هما:
– قيام جمعيات اسكان وهمية بالاستيلاء على اراضي حكومية واسعة وبيعها الى الناس في الموصل.)
– بيع كلية عريقة الى شخص بمبلغ زهيد وهي تساوي مليارات).
هل يمكن ان تستمر الحال على ماهي عليه ؟؟