المثل الشعبي يقول ( لاتمدح رجل لان تحتاج مذمته ) .. نناقش بموضوعية ونترك ترهات الحديث جانباً ، وننتهز فرصة النقد البناء وفضاء الديموقراطية ان يصحح المسار ويقوّم الاداء ، ويفرض نفسه على المشهد اذا ما اخفق وتلكئ المسؤول ، ونثني عليه وندعمه ونعلي شأنه اذا ما استطاع تحقيق انجازات ملموسة وقدم نتائج حقيقية مرضية كالتي يطمح اليها المواطن، ومن باب الانصاف ان نذهب دوماً الى تفسيرات واقعية ومنطقية ليست موسيقية بعيداً عن التزلف والتلميع ومسح الاكتاف ، كي لا نفسد طعم بعض النجاحات وان كانت بسيطة ولا ترتقي لمستوى الطموح. فالعملية السياسية عودتنا بأن زوال ونسيان اي ازمة سياسية او اقتصادية لايكون الا بمجيئ ازمة جديدة تدفع بالتي جاءت قبلها لنبقى انذاك نسير في فلك تدوير الازمات على غرار تدوير بعض السياسيين في مؤسسات الدولة .
هنالك طوق نجاة ينتظرنا وراء جميع الازمات التي عصفت بنا ، وكأن يد الله فوق هذا البلد المعطاء ، ولكننا نشاهد باستمرار وجود محاولات لترويج استراتيجية ابتكار الازمات ثم اعطاء الحلول ، بمعنى في المنعطفات السياسية وعند محاولة لفت انظار الرأي العام عن اي حدث سياسي او اقتصادي يجعل من الرأي العام والاعلام تأثير اصواتهم اعلى حتى من اصوات صناع القرار ، فيأتي هنا دور دوائر صنع الازمات لتبتكر ازمة جديدة قد تم التهيئة لها سلفاً ، تمتلك كود المرور password او رموز ومفاتيح الحل لها، او كما قال المفكر الاميركي نعوم تشومسكي “في الأول نبتكر مشكلة أو موقفا متوقعاً لنثير ردّة فعل معيّنة من قبل الشعب” ، ليطالب بالإجراءات التي نريد أن يقبل بها ،كابتكار أزمة مالية مثلاً حتى يتمّ تقبّل التراجع عن مستوى الحقوق الإجتماعية وتردّي الخدمات العمومية كشرٌ لا بدّ منه ، وهذا ما رأيناه في ازمة سعر صرف الدولار التي كان اطرافاً دولية سبباً في هذه الازمة.
لو اردنا ان نأخذ قليلاً انعكاسات موشور الفعل ورد الفعل من باب اخذ نظرية السبب والنتيجة cause and effect من خلال عملية الاحتكاك المحدودة بين الشارع والحكومة في موضوع ارتفاع سعر صرف الدولار ، ونقارن ذلك بين حكومة السيد الكاظمي وحكومة السيد السوداني ، سنجد بأن هنالك اختلافات كبيرة وواضحة للعيان للاسباب التي تقف خلف هذا المفصل وبهذا التوقيت، ففي الحكومة السابقة كانت هنالك رؤية اقتصادية مشتركة من قبل الخبراء والمختصين والمسؤولين في البنك المركزي ،وبأجماع شبه سياسي على ضرورة الذهاب الى رفع سعر الصرف ، نتيجة عوامل داخلية وخارجية مجتمعة ومنفردة منها التضخم وتأخر اقرار الميزانية وتذبذب اسعار النفط وعدم وجود تعظيم لموارد الدولة وتراجع الاقتصاد المحلي ، الذي ادى الى تذمر وسخط شعبي واضح على الطبقة السياسية القابضة على السلطة، اما اليوم اذا اردنا النظر من عدسة المنطاد لنفس المشكلة وبموضوعية تامة لحكومة السيد السوداني سنجد بأن الامر مختلف تماماً ،لان الاسباب التي تقف خلف هذا الحدث ، هي مؤثرات واسباب اكثرها خارجية جاءت بسبب ضغط الفيدرالي الامريكي على البنك المركزي لغرض تطبيق وتنفيذ الالتزامات والاتفاقات والمقررات التي ابرمت بين الطرفين ، لانها تم التوقيع عليها منذ فترة ليست بقريبة حسب ماتحدثت به السفيرة الاميركية الينا رومانسكي، ناهيك عن العوامل السياسية الاخرى التي تتعلق بلعب النفط العراقي دوراً مهماً في استقرار ميزان الطاقة بين دول منطقة الشرق الاوسط خصوصا والعالم بشكل عام ، ادى بالنتيجة لسابقة لم تحدث من قبل لان يكون هنالك تفهم واضح من قبل الكثير من الشارع بأن حكومة السوداني ليست هي السبب الذي يقف خلف هذا الارتفاع ، كما ذهبت وروجت اليه بعض الجيوش الالكترونية وهذه نقطة جوهرية تبين لنا بأن حنكة المواطن الذي بدأ يميز بين الخطوط المتعرجة والخطوط المستقيمة .
ما اريد الوصول اليه اليوم هو اننا بحاجة ماسة وفعلية لان نسلط النظر على بقعة الضوء هذا التحوّل الملحوظ ، ونأخذ بعين الاعتبار اهمية انتقالة وعي ومزاج ومذاق جزء كبير من الشارع
الى التمحيص والتدقيق قبل الاتهام واطلاق الاحكام المسبقة، بعد ان تجسد ذلك من خلال عدم الاكتراث الى بعض الاصوات التي حاولت خلط الاوراق من احل اللعب على ورقة زج السوداني في هذه معركة لايتحمل تبعاتها بأي شكل من الاشكال.
انتهى ..
خارج النص / جميع القوى السياسية التي شكلت الحكومة مسؤولة النجاح او الفشل ،ومطالبة بدعم السيد السوداني لتحقيق شعار “حكومة خدمية وطنية”.