الكاتب | نصير جبرين

 

 

تساؤلات كثيرة يجيبنا عليها الوعي الناضج ويقظة الفكر ، كما أنَّ الفهم الصحيح لنص الكتاب والسنة يمكن أن يُشكِّل لبنة في بناء الوعي النَّاضج فالله جل وعلا خلق الإنسان وكرَّمه بالعقل، واحترم ما خلق ، فخاطبه وأوضح له ما توارد لذهنه في صوابه وخطئه ، ولكن التقليد الأعمى أورث الإنسان نكراناً لهذا الكرم المحاط بالقدرة ، فشذ وتوجَّه إلى غير مسلكه وغاص في جهل مُرَكَّبٍ ورجعَ إلى عبادة الأصنام من مَنصِبٍ وجاه وكرسي ومالٍ وثروةٍ وهي آلهة النخبة التي لا تتشكل بحجر أو معدن أو خشب.

 

ولم نُعمل الفكر وتركناه في سباتٍ عميقٍ وتقبلنا في فهمنا التقليدي ما لم يكن لمسلمٍ أن يتقبَّله فوجدنا أننا نُعامل الحكام والسلاطين والملوك والأمراء كالآلهة ومنحناهم شرعيةً لم يفكروا هم في تأويلها، فقبلنا الهوان حين هانت علينا علوم فكرنا وأنكرنا بجهلنا نعمة العزيز العليم ، وحين نتحدث عن أيةِ كلمةٍ ذات معنى مثل الفكر فإننا نعني ما يعتملُ ويتعاملُ به البشر، والفكر هو زاد النخبة ، ذلك الفكر الذي بقينا نقلد فيه ولانبدع ، وقيَّدناه بسلاسل الجهل والضلال .

في الدعوات المستنهضة لاتوجد مثالية كلها مهما تعددت وسائلها وإنما هي تفاعل ينبغي أن يكون إيجابياً اعتماداً على العزم، والعزم يثمره الله رب العالمين لأن الاستعمال مقرون به كذلك وصفَ من الأنبياء من له عزم ومن ليس له عزم ، ورسالة الإسلام شاملة عامة ، وهناك سؤال منطقي هل نٌرسل في الهواء ما ينفع الأرض ؟

نعم فالمطر لايأتي من الأرض غيثا .

 

ولعل هذه المقولة هي النظرية الأوسع شمولاً في تصوير واقع تراجيديا الإنحدار الفكري المتمثل بعدم وجود الشخص المناسب في المكان المناسب وخلو غالبية الموجودين من المسؤولية الوطنية وحب الوطن والعمل من أجل خدمة الوطن والمواطن والأعم الأغلب لايعترف بهذه الحقيقة الواقعة وهي أن الحاكم أو المسؤول إنما وجد لخدمة البلاد والعباد ، بل يعتقد أنه لايمثل سوى قائد الضرورة وهذا أدَّى إلى الفساد الإداري والمالي الذي أصبح آفة مستشرية لايمكن القضاء عليها بالسهولة التي نتوقعها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *