كلنا راحلون لأن (الموت) هو الحقيقة المطلقة الوحيدة في (الحياة) وهكذا هو (العراق) الحقيقة المطلقة الوحيدة فيه هو انه (عربي) ليس بأغلبية الثلثين بل بأغلبية تعلوا على الثلاثة ارباع ،
نعم سيدي الحبيب .. كلنا راحلون ولكن هناك من يرحل (فارغا) كونه قدم كل طاقاته وفنى عمره في سبيل شعبه ، وهناك من يرحل (ملآنا) لا نه لم يقدم شيئا بل أخذ الكثير من شعبه بل دمر شعبه . فشتان بينكم وبين هؤلاء فطوبى لكم وتبا لهم .
دخلتم ساحة الجهاد في سن الرابعة عشرة وشاركتم مع نخبة جليلة من الشباب العروبي في النجف الاشرف وأنتم بتلك السن في انتفاضة عام 1956 ، لدعم مصر العروبة خلال العدوان الثلاثي ، يوم كانت النجف قضاء ضمن محافظة كربلاء .. وسجنت وعذبت وهاجرت وضللت مجاهدا حتى الرمق الأخير .. نعم كنت مجاهدا وتتحدث بالعروبة وتناقش اسباب فشل التيار العروبي وتعزيه الى ان القوى الغربية والاقليمية ومعظم الطبقة السياسية المتنفذة لا تريد ان تسمع بكلمة (عروبة) وأن الاسلامويين يعدونه كفرا او جاهلية ، والسبب الآخر كان عدم توحد التيارات القومية ، وعندما كنت اسألك عن الاسلاميين تقول انهم كانوا معكم كتف بكتف وسألتني هل يمكنك ان تجيبني هل ان الوائلي ومصطفى جمال الدين كانوا قوميين ام اسلاميين ؟؟ اعجز عن الاجابة فتجيبني كانت العروبة والاسلام واحد ، وبعدها بفترة شاهدت لقاء متلفز مع السيد الحبوبي سؤل فيه كيف وفقت في انك من عائلة اسلامية وقوميا في الوقت نفسه فيجيب مقدم البرنامج بسؤال وهل هناك تناقض بين العروبة والاسلام ؟؟
نبهتني يوما الى حقيقة مهمة يوم سألتكم عن سر العلاقة الايجابية بينكم وبين السيد جلال الطالباني ، وكانت اجابتكم بأن القومي العربي هو اخ للقومي الكردي يجمعهما البحث عن الانتماء للأصل ضمن الانتماء الشامل للوطن الواحد . بلا شوفينية او عنصرية .
كل ذلك حصل في لقاءات منفردة كانت تطول وعندما كنت تتحدث عن الفكر القومي كنت اجيبك انه من الخطأ ان نسمي القومية فكر لأنها ليست فكرا بل هي واقع حي .. الألماني لا يحتاج فكرا ليثبت ان هناك قومية المانية هو ينتمي اليها ، ولا العربي يحتاج فكرا ليثبت ان هناك امة اسمها الامة العربية وهو منتمي اليها في كل الاحوال .. كل هذه النقاشات وأنت متحمس تماما لعروبتك حتى بعد ان كانت قناني الأوكسجين تنتظرك حيث كنت تستعين بها باستمرار فكم هو رائع سيدي ان يتمسك المرء بفكرة ويؤمن بتطويرها ويناضل في سبيلها بسن الرابعة عشر ويبقى متحمسا لها حتى بعد عبور الثمانين والتي كان عقدين منها في صراع مع المرض .
نم قرير العين ايها الحبيب فأن عصر المد القومي الذي اكتسح الساحة لعقود بدأ بالعودة رغم انه غاب منذ عقود ، رغم التشويش والشيطنة الفكرية فقد صارت الكرة في ملعب الشباب بعد ان كانت في ملعب جماعتنا الشياب لعقود ، وهذا كله ليس بسبب اصالة الانتماء القومي فقد وعى الشباب ان الوطنية هي الوجه الآخر للقومية ففيهما فقط نحافظ على وحدة العراق وسيادته وعزة ورفاه شعبه فالقومي اخو القومي كما قلت وأضيف لقولك ان لا خير بقومي عربي لا يناضل في سبيل خصوصية القومية الآخرى ضمن الوطن الواحد كما هو مستعد للتضحية في سبيل قوميته .
هنيئا لك الجنة التي لغة اهلها العربية ، وهنيئا لك القرب من محمدا العربي (ص) الذي نزل عليه القرآن بلسان عربي مبين ، وهنيئا لك القرب من أله وصحبه العرب والمسلمين .. باقون على العهد حتى تعديل المادة الثالثة من الدستور (( العراق بلد متعدد القوميات والاديان والمذاهب .. وجزء من العالم الاسلامي )) لتصبح (( العراق جزء من الامة العربية والعالم الاسلامي ، وأن هذا الدستور يضمن المساواة التامة في الحقوق والواجبات بين القوميات والاديان المتآخية ))