ما تغير في حياته او تبدل, وابدا ما غرته الدنيا يوما, ولا سعى خلف ملذاتها, ولا راوغ او خدع من أجل الوصول الى غايته, ولا تلون او نافق في وظيفته, ولا كتب تقريرا حزبيا ضد أحد, ولا تزلف لمسؤول, لم يطعن يوما ببنات الجيران, ولا فضح يوما ستر امرأة مسلمة, ولا تسبب في اثارة فتنة بين اثنين, وما عرف عنه الخيانة ولا الغدر, فقد كان صريحا جدا ويقول الحق ولو على نفسه, ولم يخش أحدا ابدا في قول الحقيقة, ولا اتذكر يوما أنه تسبب في أذية أحد, ولا تكبر يوما على بشر, ولا سعى في الخراب أو الشر, ولم يغتصب حقا من حقوق العباد, ولا عرف الغرور والتكبر, ولم تعرف الاحقاد والضغائن طريقا الى قلبه, ولا سعى خلف المال الحرام, فهو يتمتع بأمانة نادرة.
ومع اننا نحن من كان يتوجب علينا الاتصال به للاطمئنان على صحته العليلة, غير أنه كان سباقا للاتصال بنا ويواظب في تفقدنا واحدا تلو الاخر من دون كلل او تعب, فلا يمر اسبوع الا ويتصل, مبتدئا حديثه, وكما في كل مرة بعبارة ( ها يابة شلونك) التي تشع حنية ومحبة.
ذات مرة طلب مني مرافقته الى أحد الاطباء في شارع السعدون في بغداد بعد أن وعدني بدخول السينما لمشاهدة فلم (روكي) للمثل (سلفستر ستالون), وفعلا دخلنا السينما التي كانت تعلق صورة كبيرة لروكي بعضلاته المفتولة لزيادة التشويق, ولكن ما ان دخلنا حتى فوجئنا بعرض فلم حمى ليلة السبت للممثل ( جون ترافولتا) وهو فلم استعراضي راقص!!.
عاش طوال حياته بلا كذب ولا تلفيق, ومع أنه كان رجلا ضخما, يتمتع بنظرات ثاقبة وحادة تبث الرعب في قلب كل رجل لا يحسن التعامل معه, غير أنه كان يمتلك قلب طفل صغير, فقد كان عطوفا, شفافا, بسيطا, قنوعا, راضيا بما قسمه الله له, طيبا كريما, شهما, عفويا, صابرا على المرض والابتلاء, زاهدا, نزيها, عفيفا, امينا, بارا, سليم النية, نقي الروح والضمير.
مات (سعد حامد رشيد) في الرمادي في آخر شهر من عام 2022, وهو المولود في الناصرية, تاركا غصة في القلب ملتحقا بركب الاحباب الذين غادرونا مبكرا, مات الرجل الذي كان ذنبه الوحيد أنه نظيف جدا وبرئ جدا في عالم ملوث جدا!!.