البرد كتلة صلبة

على الجسد تحطّ

ثقيلة

للجسد علاقة معلنة بالصلصال

الذات تجهل ذاتها

ما زالت ترصد العالم من الخارج

النفس تقول في قرارة نفسها:

قد قيل:

الدفء يسود ها هنا

فلماذا الأسنان تصطك؟

الكلمات تتكسّر قبل أن تخرج من الثغر

قطرات متفرّقة تدلف من سقف الحكمة

 

ها قد اهترأ جذعي،

وأنا أدخل المدينة

أرى شبحي ناقصاً ذراعاً،

بقعةً سوداء

في أزقةٍ معتمة.

 

في المرآة،

من كان بالأمس فتىً وسيماً،

يختلط عليه الأمر،

أجليدٌ أم شيب؟

الحكمة تندب نحولها

تحتجب خلف الثرثرة

الشعراء مدمنون على التجديف

في محيط الذاكرة

حيث يكون للصمت مفعول الصفير

أو ربما الطنين،

لا بل الأزيز

 

قبل أن تظهر بقع الدم على العدسات

أين يقبع الهدوء؟

أفي العصب السمعي؟

أم الصدر؟

ما الذي يضيق بالضجيج؟

من منكما يختبئ في الآخر؟

أنت أم العالم؟

تسترخي العتمة في الأقبية

لا يضيرها أن تنزل الشمس

إلى العوالم السفلى

 

وحدها ذراعي اليمنى باقيةٌ

مذ علّق الغزاة لحمها على الصليب.

كلّ ما تبقّى منّي

ينتظرني مع الصّرير

بعدما زارني الجّحيم بغتةً،

وأنا لمّا أتهيّأ بعد

لاستقبال الضّيف الغريب.

 

قيل لي

إنني قد متّ حقّاً،

عند الباب الواطئ

سأحني رأسي قليلاً

وأدخل

 

لا مكان لي في جسمي،

قد طنب اليأس.

ياء النسب في آخر اسمي

زنزانةٌ مضعّفةٌ

مرات ومرات،

أرجل هشّةٌ مخلوعةٌ على العتبة،

شعواء،

حربٌ خلف الباب،

تنتصب على الأوصال.

 

قتلةٌ يضيّقون الخناق على الجثة،

سكةٌ تبقر رحم الأرض

تقتلع النّبض من أفئدةٍ صغيرةٍ.

 

النصر يُعزى إلى الآلهة،

كيف تنجو الهزيمة؟

أَبِأُعجوبةٍ؟

هأنذا أجفف العرق عن جبينها

وأصابعي.

 

خطو الليل وئيد.

أصحو حثيثاً،

قلبي مسطّحاتٌ باهتةٌ،

أنهار نفطٍ قارسٍ تجري،

قلبي لامكاني،

لا شيء يحيط بي،

لا هواء،

لا شيء ينبئني بوجود شيءٍ ما

سوى طنينٍ خافتٍ مجهول النشأة

وعتمة ورثت المكان كلّه

عن شمسٍ

ما فتئت تخلف وعدها بالحضور

كلّ مساء.

 

ضع العالم في الدفيئة،

امسح الزجاج،

رَ

نسوةً ورجالاً بملابس صيفيةٍ،

يرتشفون القهوة،

الشفاه تتحرّك

والأيدي تشير،

الملامح تختلج بالمشاعر،

قف ساكناً

في البرد خارجا

خارجها،

خارجه.

 

أنا

آخر من أعلنوا موته عبر المذياع.

يا لقبري الواسع!

يا لحياتي المديدة!

يا لوقتي الضّيق!

يا لبداياتي التي لا تنتهي!

كُسرت، نعم، وما من يدٍ تصلحني،

الآن أعرف بماذا يحلم الموتى.

 

في صندوق رسائلي،

قصاصةٌ هوت من الجّحيم

من سيقرأ لي ما يلي:

عزيزي الميت،

لقد استنفدت كامل رصيدك على الهامش،

فيرجى تسديد الفاتورة

لدى أقرب مراكزنا المعتمدة؟

أهو أوان السداد؟

 

كل ما على هذي الأرض

يقودني إلى عدمي.

لا أحد يفرك كفّيه منتظراً

لا امرأة تدعوني للبكاء،

على حافة الحقل.

 

سأبكي وأتداعى قليلاً.

سآمر نفسي:

أن اضطجعي بين الرميم هنيهةً

وجدّفي مع أوغاي فوق الدم اليابس.

 

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *