غدا، سأحبّكِ أقلْ!
غدا يعني
حين تصير اللّعبة نوعا من الملل نمارسه كمحاولة أخيرة لتخفيف آلام المفاصل،
حين تعقِدُ جواربي وجواربك اتّفاقيّة شراكة
ويصير لا حرج لدينا من ارتداء فردتَيْ جوارب
حتّى و إن اختلفت الزّركشة فيهما
مادام اللّون الغالب عليهما واحد
وحين يصير صوت التّلفاز العالي،
و أنا أشاهد مبارة كرة القدم،
غير مزعج لك بسبب فقدانك للسّمع
وتصير كلّ الأكلات التي تعدّينها بمذاق واحد، بالنّسبة لي
لأنّ الطّبيب قد حرّم عليّ الملح و السّكّر و كلّ أنواع الدّسم!
في ذلك الغد.. سأحبّكِ أقلْ
وسأكتفي بمناداتك: “حبيبتي”
ولن أخترع لك أسماء أخرى كما أفعل الآن
فسمعك الضّعيف قد يُخَيِّلُ لكِ أنّي أنادي امرأة أخرى أحتفظ بها داخل صندوق صغير في صدري مذ كنت أمارس عادة الشّعر، مثلا!
وأنا، حينها، سأكون في مزاج لا يسمح لي بأن أقبّل شفتيك لتهدأ ثورة شكّك
فتتأكّد كلماتك الغاضبة ويداك المرتعشتان أنّي قصدتك أنتِ!
غدا
حين تصير اللّغة كشجرة التّين العجوز التي تقف في حديقة بيتنا
ولا تُثمر إلّا بضع حبّات يسبقنا إليها “الزّرزور”
وحين يسكن موج البحر جبينك و تصير شفاهي نوارس مهاجرة
وتسخر الموانئ الجديدة من أشرعتي المرتخية
سأحبّكِ أقلْ
لأنّ كلماتي اليابسة لن تضرم الحرائق في روحك القَلِقْ؛
يُقلقكِ عراك ابنتنا الدّائم مع حماتها!
حفيدنا الذي يؤجّل ابننا ختانه.. يقلقكِ!
دجاجتك الحمراء التي لم تكتشفي أين تضع بيضها.. تقلقكِ!
يُقلقك منسوب السّكّر في دمك و الضّغط ووجع الكلى وشخيري!
يُقلقك أنّنا لم نمارس اللّعبة منذ ستّة أشهر رغم كلّ الورد الذي حملته لك معي
وهذا قد يكون دليلا على خيانتي!
وتقلقك سياسات الدّول العظمى وارتفاع ثمن الذّهب وحتّى ثمن الكافيار يقلقك
ويقلقك ثديك المترهّل بعد أن وشوش لك حفيدنا:
“تيتا.. مالها زيزتك شبه الكوسة المطبوخة؟!!”
غدا.. سأحبّك أقلْ
غدا.. ربّما، سأحبّك أكثرْ
ربّما، غدا.. لن يأتي أبدا!!!
أمّا اليوم فإنّي أحبّك كثيرا جدّا.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *