النخيل عنوان عراقي بامتياز، فعدده قبل المصائب والحروب كان دائماً ضعف عدد سكانه، وكان العراق يقف في مقدمة الدول بامتلاكه العدد الأكبر في العالم تجاوز الخمسة والثلاثون مليون نخلة في ثمانينيات القرن الماضي، وبأنواع عديدة لا توجد في غير العراق يحسدنا عليه الجميع، كانا في صدارة المنتجين عالمياً وتراجع إنتاجنا في أواخر القرن العشرين والسنوات الأخيرة بعد اعتماد اقتصادنا على واردات النفط فقط وبالدرجة الأساس، وعمتنا النخلة من المُكَرماتِ خصها الله في كتابة الكريم في عشرين موضعاً صراحةً غير الآيات التي ذكرت صفة من صفاتها، في سورة مريم يقول رب العزة تعالى{ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا}. ونبينا الأكرم( صلى الله عليه وآله وسلم) يقول فيها ” أكرموا عمتكم النخلة فأنها خلقت من فضلة طينة أبيكم آدم ” ، وقوله أيضاً ” بيت ليس فيه تمر جياعُ أهله”. أعتصر قلبي الألم والحزن وأنا أرى مئات الألاف من النخيل قد حزت رؤوسهن وقطعت أوصالهن في عدةِ مناطق من بغداد والمحافظات الأخرى، وتحولت الأراضي التي تحتويها من زراعية إلى سكنية لا لشيء سوى إرضاء نفوس ضعيفة أعمى عيونها وقلوبها الطمع والمال السحت الحرام، آه وآه يا عمتي لقد أبكاني ما وصل إليه حالك في أرض ووطن كنت رمزاً له منذ نزول أبينا آدم (عليه السلام) للأرض، ولعنتُ كل الطواغيت من البشر الذين تجاوزوا على عفتك وطاهرتك، عرفناك يا عمتنا دوماً أنك لا تنحنين إلا لله ولا تموتين إلا وأنت شامخة واقفة بكل كبرياء كشموخ العراق إمام عاتيات الدهر، ماذا حل بنا لنسمح بقطع رؤوس نخلينا الذي كان وما زال رمزنا العراقي بامتياز، من يدافع عنك يا نخيل العراق؟ ويوقف هذه الهجمة فمن لا يدافع عن رمزه لا يدافع عن وطنه أرضاً وسماءً، ولنرفع أصواتنا بوجه كل من يحاول أن يحرمنا من طيب ثمر عمتنا ورمزنا ويحرمنا جمال منظرها، لنبقيها مرفوعة الرأس دائماً قبل أن تنحني وعندها لا ينفع ندم، ولندافع عن نخيل العراق ونمنع موته المخطط له من أصحاب الكروش الذين يحاولون بيع كل ما يرمز لعراقة العراق في مزادهم، أنه بيع منظم لإرثنا الوطني بعد نهب مواردنا المالية بعد الاحتلال، ويضاف لذلك المخاطر البيئية التي ترتبط بتجريف بساتين النخيل، لنوقف جريمتهم حتى لا تنحني عمتنا النخلة.