غالباً ما تحوم في رأسي بعض الاسماء البارزة، فأتذكرها في الليلة الظلماء اذا افتقد البدر، على حد قول الشاعر ابي فراس الحمداني. ومنذ ان غادر المصرفي البارز فيصل وسام الهيمص موقعه، في ادارة سوق العراق للاوراق المالية، بناء على طلبه، ظل صدى الرجل يتردد في نفسي، مع كثرة تقلبات الاوضاع الاقتصادية والمالية، وكنت ولا زلت أسال، لماذا يتم عزل الخبراء من طراز الهيمص؟ ولماذا لا يمنح وسواه فرص المباشرة بتعديل الاوضاع، ولا سيما انه يمتلك الخبرة اللازمة لمهمة عويصة من هذا النوع؟

ويوم كان مديراً عاماً للمصرف العراقي للتجارة، اثبت كفاءة استثنائية في تعديل بوصلة المصرف، الذي شهد على يد اسلافه انحداراً ومحاولات فساد، تم الكشف عنها في ما بعد، من قبل هيئة النزاهة.

وأمس عاد اسم الهيمص، الذي سبق لي ان اجريت معه حواراً صحفياً مطولاً، قبل نحو خمس سنوات، الى ذاكرتي، واستحضرت جوانب من كفاءته الادارية ومعالجاته المالية التي لمس الرأي العام بعض معالمها لمس اليد.

واقول الحق، اني سعدت بقرار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تعيين الهيمص، نائباً لمحافظ البنك المركزي.

وبرغم اهمية هذا الموقع في هيكلية المرجعية المسؤولة عن رسم السياسة النقدية في العراق، فاني مازالت ارى في القرار جزءاً غير مكتمل، ولا ضرورة لإرجاء قرار تصحيحه فوراً.

فهو مؤهل، على وفق المعايير الدولية، لقيادة هذه المنظومة النقدية، وتصحيح بعض أو جل انكساراتها، ولا سيما ما يتعلق بأزمة سعر صرف الدولار.

فالرجل حاز، خلال ادارة المصرف العراقي للتجارة، شهادات جدارة غير مسبوقة، وحقق المصرف في ظل ادارته، نتائج مذهلة في مسابقات المصارف العربية المحكمة، السنوية الخاضعة، الى مراصد عالمية.

ربما تكون شهادتي بحق الهيمص، الذي لا أرتبط بأي علاقة صداقة أو انحياز عاطفي معه، مجروحة، لان كلماتي، في هذه المقالة، تتسابق للثناء عليه وتأكيد أحقيته، كعراقي متميز في الاختصاص المصرفي (هو خريج الجامعات البريطانية ومارس العمل في كبريات المصارف والهيئات الاستشارية العربية). انني ارتبط بصداقة افتراضية معه، من منطلق ان المعرفة تؤدي الى الصداقة وان الحقيقة تؤدي الى النور.

لكني لا أهاب الادلاء بهذه الشهادة، ازاء خصائص مهنية وسمات شخصية يتمتع بها، وربما تميزه عن سواه، مع القناعة، ان العراق بلد العبقريات ومنجم المؤهلات والكفاءات. فقد لمست فيه قدرته على الادارة العلمية والاحاطة بالادارة الرقمية التي تتيح المتابعة من بعد، واحترام جهود فريق العمل بالثقة، والتحفظ على الادلاء بالتصريحات الرنانة، في غير مواضعها، مع ايمانه بأهمية ضبط ايقاع البيانات المصرفية في وسائل الاعلام، إلا عند الضرورة القصوى، كما لمست فيه مرونة وشفافية في اتخاذ القرارات مع اقتدار واضح في الحسم .

ان مؤهلات بهذه المواصفات ترتقي الى سدة اكبر منصب في الخريطة الاقتصادية والمالية. فالعراق لن يخرج من ازماته المتولدة عن ظلم المحاصصة المقيتة ومساوئها واثارها السلبية اللعينة، إلا باختيار تكنوقراط من نمط .. فيصل وسام الهيمص.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *