الكاتب طلال بركات
بعد قرار المصادقة على نتائج الانتخابات والخسارة الفادحة التي مني بها الولائيين كان أول رد فعل لهم توحيد الصفوف من اجل مواجهة خصومهم لقطع الطريق امام تشكيل حكومة الاغلبية الذي اصر عليها مقتدى الصدر ولا بد من الضغط بكل الوسائل ليتسنى قبول حكومة توافقية يتساوى فيها الخاسر والرابح في الانتخابات وكان من اهم اهدافهم تفكيك التحالف الصدري الكردي السني فذهبوا الى الحلقة الاضعف بقصف منطقة الكرمة مسقط رأس الحلبوسي بالاضافة الى تحريك رتل من الميليشيات للوقوف على تخوم الانبار لاستعراض القوة من اجل تراجع تقدم وعزم عن التحالف مع التيار الصدري، الا ان مثل هذة الاستفزازات يصعب اتباعها مع الاكراد في اقليم كردستان لذلك اتبعوا وسائل اخرى للضغط عليهم وذلك من خلال المحكمة الاتحادية التي صحت من النوم لتمنع ترشيح هوشيار زيباري لمنصب رئيس الجمهورية، الا ان هذا القرار لم يثني مسعود برزاني عن مواقفه فقام بتقديم مرشح اخر لرئاسة الجمهورية بدلاً من زيباري وهو (ريبر أحمد خالد) وزير داخلية الاقليم، ويرى مقربين من جماعة الاطار التنسيقي بأنه سيتم أقامة دعوى للطعن بترشيحه هو الاخر بحجة ان الترشيح جاء بعد نفاذ المدة القانونية وذلك لغرض عرقلة اختيار رئيساً للجمهورية لتبقى عملية تشكيل الرئاسات الثلاث عرجاء مالم يتم مشاركتهم في حكومة توافقية، ولم يكتفي الثلاثي المرح من الضغط على الحزب الديمقراطي الكردستاني لفض التحالف الثلاثي فتم مرة اخرى تسخير المحكمة الاتحادية لاجنداتهم الخبيثة فاصدرت قرار مسيس يفضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز الذي مكث في ادراجها سنوات من السبات السياسي، ونحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن احد وانما التركيز على ان الخطورة تكمن في استخدام القضاء ساحة للنزاعات السياسية.
لذلك لا يعنينا صراعات الطبقة السياسية بقدر ما يعنينا سلوك المحكمة الاتحادية الذي اصبح دورها اطلاق قرارات مسيسة تحابياً لهذا الطرف او ذاك، وقيامها بتقديم خدمات بالمجان حيث نجدها مرة تقر بنتائج الانتخابات ثم الإقرار بشرعية الجلسة الاولى لمجلس النواب والتي بموجبها تم انتخاب الحلبوسي رئيساً للمجلس، ومرة اخرى تتدخل من غير ميعاد بابعاد ترشيح الزيباري لرئاسة الجمهورية، علاوة على دخولها في حلبة الصراع السياسي باصدار قرار مفاجئ بعدم دستورية قانون النفط والغاز والجميع يعلم استحالة تنفيذه من قبل حكومة اقليم كردستان بالرغم من اعلانها احترام قرارات المحكمة الاتحادية، الا ان هذا القرار جاء لارضاء مجموعة الاطار التنسيقي للضغط على مسعود البرزاني لفض نية التحالف مع مقتدى الصدر .. مما يعني ان تلك القرارات المسيسة ليست الا وسيلة ضغط سياسية ليثبت المفلس بأنه قادر على خلط الاوراق في اي وقت .. وهذا يعني ان العيب الاكبر ليس فقط في العملية السياسية ولا في السلطة التنفيذية والتشريعية وانما في تسيس السلطة القضائية التي اصبحت اداة طيعة لتنفيذ اجندات القوى السياسية المتصارعة على السلطة .. لهذا صدق من قال اذا اردت تدمر بلد فما عليك الا بتخريب التعليم والقضاء. فأما التعليم فقد ذهب جفاء والحمد لله دخلت البلاد في بحور الجهل والظلمات، واما القضاء فمكث في الارض ليحمي اللصوص والفاسدين.