ترى ما الذي حدا ببعض المسؤولين الاسرائليين ومنهم نجل رئيس الوزراء نتنياهو لاتهام الولايات المتحدة الامريكية بالوقوف وراء التظاهرات التي يشهدها الكيان الغاصب احتجاجا على مقترح التعديلات القضائية المزمع اجراؤها من قبل اليمين المتطرف في الكنيست الاسرائيلي.
مع علمنا بالعلاقة والتحالف العميق بين امريكا واسرائيل الى الحد الذي عدت فيه الأخيرة على انها الولاية 51 .
ولاعتقادنا ان هكذا تصريحات لاتصدر عن فراغ دون أن تكون لها معطيات ملموسة لاتخفى على جهاز أمني محترف كالموساد الاسرائيلي.
فاننا نحاول هنا سبر اغوار هذا المنحى الجديد والملفت في طبيعة التصريحات التي أدلى بها الصهاينة تجاه امريكا .
نعم يمكن لنا ان نجد تصريحات من مسؤولين اسرائيليين تنتقد سياسة الادارة الامريكية بحدود بعض المسائل المتعلقة في الصراع الصهيوني الفلسطيني.
لكن أن يصدر اتهام صريح بوقوف الولايات المتحدة وراء المظاهرات واعمال الشغب التي تجري في الداخل الاسرائيلي فان ذلك يعد مؤشرا على بداية تحول كبير في العلاقة بينهما خاصة وان هذه التصريحات قد صدرت من اليمين المتطرف
وهو الاتجاه الذي يحظى بتأييد واسع في الادارات الامريكية المتعاقبة واللوبيات الصهيونية الضاغطة عليها.
فيا ترى ماهي الاسباب الكامنة وراء ذلك
وهل يمكن حصرها بما يلي؛
1- هل يمكن القول ان امريكا باتت متيقنة من اقدام حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو على ارتكاب حماقة كبرى بتوجيه ضربة عسكرية للجمهورية الاسلامية الامر الذي تعده امريكا تهديد للمنطقة بأسرها لن تكون مآلاته الا لصالح ايران وحلفائها في المنطقة.
في الوقت الذي تحرص فيه الولايات المتحدة كل الحرص على ان تبقى المنطقة مستقرة لضمان تدفق الطاقة منها نحو الغرب ريثما يرسو الصراع الاوربي الروسي على حال.
2- قد تكمن الخشية الامريكية من تمدد الشرخ المجتمعي الذي طال الواقع الاسرائيلي الى المؤسسات الامنية وفي مقدمتها الجيش الاسرائيلي خاصة مع بروز حالات التمرد من عدد لايستهان به من قادة الجيش والتحاقهم بالتظاهرات
إذ ان اسرائيل وكما هو معلوم ليست الا جيشاً وثكنة عسكرية متقدمة لحماية المصالح الغربية اختير لها شعب من شتات الارض .
وانهيار الجيش هو انهيار للكيان الغاصب
برمته وزوال علة وجوده.
3- امريكا باتت على قناعة بضرورة العودة للاتفاق النووي مع ايران وايقاف هدر الوقت الذي لم يعد لصالحها
فتاخير عملية ابرام الاتفاقية من شأنه ان يعزز من تقارب ايران وروسيا والصين اكثر فاكثر.
4- قد تكون امريكا بحاجة لوجود حكومة معتدلة نسبيا في اسرائيل أكثر انسجاما مع ستراتيجية الحزب الديمقراطي.
او لعل الرئيس الامريكي جو بايدن اراد من خلال ذلك تحقيق مكسب انتخابي لصالح حزبه في الانتخابات الامريكية المقرر إجراؤها يوم الثلاثاء 5 نوفمبر 2024.
متمثلا بضمان امن اسرائيل بحسب رؤية الديمقراطيين وعدم تكريس السلطة بيد نتنياهو والاحزاب الدينية.
5- الديمقراطيون يعتقدون ان اسرائيل وبحكم مايربطها من تحالفات اقليمية
وامكانات عسكرية هائلة والدعم التسليحي الامريكي المتواصل لها فانها باتت في مأمن ولا خشية عليها من اي تهديد خارجي ولايجدر بها التفكير في مجازفة لضرب ايران تكون عواقبها
وخيمة للغاية.
6- لعل جزءا من اسباب دعم الولايات المتحدة الامريكية للتظاهرات في اسرائيل ناجم عن رغبة الولايات المتحدة بتخفيض التزاماتها والانسحاب التدريجي من المنطقة وبقاء اليمين المتطرف على راس السلطة في اسرائيل يشكل عائقا امامها لابد من ازاحته
7- في السابق تحدث بعض المحللين الامريكان في احدى الصحف الشهيرة من ان كلفة حماية اسرائيل على امريكا هي اكبر بكثير من مردوداتها الايجابية
الامر الذي قد يستبطن ارهاصات قرار امريكي مؤجل بتغيير نمطية دعمها لاسرائيل مرهون بما تفضي اليه نتائج الصراع في اوكرانيا