يبدو من خلال الاعتراضات والفوضى التي سادت جلسة مجلس النواب لاقرار تعديل قانون الانتخابات أن الاحزاب الكبيرة انتصرت وهي التي تتحكم في القرارات ، وما عداه ليس أكثر من عملية ( إخراج ديمقراطية ) على حد ما يرى المعترضون ، لأن أصواتها الكثيرة تمكنها من أن تفرض رأيها وتمارس (دكتاتوريتها ) على الاحزاب الصغيرة التي لم يكن أمامها غير الاعتراض الذي لم يجد نفعا في تعطيل أي قرارلا ينسجم مع مصالحها ما دامت لا تملك الاصوات الكافية التي تمنع تعطيله .. وهذا ما تجسد بوضوح في أقرار قانون تعديل الانتخابات .. فلم تنفع الاحتجاجات على مستوى الشارع ، ولا إعتراض المستقلين والتشرينيين داخل جلسة البرلمان وفرض ( الكبار ) رأيهم ، وبذلك الغي أحد أهم ثمار تظاهرات تشرين باصدار قانون انتخابات تمكن من تغيير المعادلة القديمة في مجلس النواب التي اتاحت وصول حوالي سبعين مرشحا في انتخابات عام 2021 من المستقلين من أصل 329 نائبا الى المجلس وهو عدد يعد جيدا كتجربة اولى لثمار تلك التظاهرات .. وهذا التعديل أعاد الكرة من جديد الى ما قبل التظاهرات التشرينية عام 2019.. فهل يمكن للاحزاب الصغيرة أن تحقق ما حققته في الانتخابات الماضية أم ذلك محال عليها بعد التعديل واحتساب الاصوات على طريقة ( سانت ليغو) الذي عده البعض اقصاء لها ، كما انه يتيح لمرشحي الاحزاب الكبيرة الذين لم يحصلوا على ما يكفي من الاصوات اساسا للفوز بمقاعد على حد ما يرى المناهضون له ايضا..
وبغض النظر عن المسميات (سان ليغو) أوغيره فان جوهرالعملية الانتخابية هو تحقيق نسبة عالية من المشاركة في الانتخابات لتحقيق التغيير المطلوب .. فهل يحقق هذا التعديل هذا الهدف ويضمن مشاركة اوسع من الانتخابات الماضية ، وبالتالي يضمن وصول مرشحين يمثلون الشارع تمثيلا حقيقيا أم يتحول الى ممارسة ( ديكتاتورية ) باطار ديمقراطي قانوني تضمن سيطرة الاحزاب التقليدية الكبيرة ووصولها الى البرلمان مرة اخرى على حساب الاحزاب الصغيرة .. وبذلك تتحول الانتخابات الى عملية تجديد عضوية لها بطريقة قانونية وكانها قدر لا يمكن الفكاك منه
الانتخابات – في كل الانظمة – لا تعني شيئا تحت أي مسمى (سانت ليغو) أو غيره إن لم تغير واقع الحال نحو الافضل وتكون خطوة متقدمة الى امام وليس تراجعا الى الخلف او مراوحة في المكان اذا جاز التعبير … فالفقير على سبيل المثال لا يعرف من هو ( سانت ليغو ) .. هل هو عالم رياضيات أم (سائق تكتك) .. ولا يعرف معنى الديمقراطية كما يعرف معاناته .. فالديمقراطية عنده خط متواز لا يلتقي مع فقره .. فكيف يفكر بالديمقراطية ويتابع ما ينشر عنها من برامج وارشادات وحوارات ومهرجانات و( تنظيرات ) وهو جائع ولا يكفي ليوم واحد ما يحصل عليه كقوت لعياله أو يعيش حالة كفاف وأمية .. وكيف تحضر أمامه قيمة صوته وصورة بلده ودوره .. وكيف وكيف ..؟؟ اذا ما غابت عنه تلك الامور الجوهرية فيمكن ان يبيع صوته بابخس الاثمان مقابل ( بطانية مثلا ) ..
ومع ذلك قد يكون الفقروالديمقراطية عكس القاعدة الرياضية والهندسية .. فيلتقيان وعندها يمكن أن يغيرا المعادلة السياسية وواقع البلاد عموما نحو الافضل .. وذلك عندما يعي الفقراء دورهم ويقومون بتعبئة جهودهم وتوظيف أصواتهم لتغيير الحال واسترجاع حقهم إذا ما سلب من الاغنياء أو تجار السياسة والفاسدين او ( الكبار ) من خلال صناديق الانتخابات..
وذلك هو المطلوب .. وهو جوهر العملية الديمقراطية ..
{ { { {
كلام مفيد :
لا بد أن تكون في أقوى حالاتك حـــين تشعر أنك ضعيف ..