تؤكد مسيرة التاريخ العالمي أن كل دكتاتور.. مهما كان.. لديه عشيقة.. مشغول بها أكثر من انشغاله بحكمه وشعبه.. وقد تصبح زوجته الثانية التي قد تحتمها تقاليد المجتمع والدين.. وفي العصر الحديث وبعد بضع سنوات قضتها في تقليب أرشيف العديد من الطغاة الذين عرفهم العالم.. اكتشفت الكاتبة الفرنسية ديان دوكريه أن رجالاً مثل صدام حسين.. وهتلر.. وموسوليني.. وستالين.. قضوا أغلب أوقاتهم في كتابة رسائل غرامية وليس برقيات سياسية.. حيث تقول دوكريه إنه بينما كان صدام حسين يحاول حماية زوجته الثانية سميرة الشهبندر من غيرة زوجته الأولى ساجدة.. كان كيم أيل سونغ يواجه مشاكل كبيرة في إخفاء خياناته عن عشيقته المفضلة النجمة الكورية هاي ريم..
وبينما كانت ميرا تصحح خطابات ميلوسوفيتش.. حاول فيدل كاسترو مراراً تفادي اعتداءات عملية السي آي أي.. التي لم تكن سوى عشيقته ماريتا.

عشق .. أم عقلية دكتاتور ؟
أشهر زوجة لصدام حسين وأقربهن إلى قلبه.. هي زوجته الثانية سميرة الشهبندر.. وفي مقابلة لصحيفة (الصنداي تايمز).. فهي المرأة التي بكى صدام أمامها.. فهل بكى على نظامها الذي انهار بسرعة.. أم على عشيقته التي لا يشاهدها بعد؟؟

سميرة تتحدث عن الساعات الأخيرة:
كشفت سميرة الشهبندر أن الحراس الشخصيين لصدام كانوا ينقلونها وابنها (علي) أثناء حرب 2003 من مكان إلى مكان.. وأن صدام زارهما في الأسبوع الثاني من هذه الحرب.. وهدأ مخاوفها.
وأضافت سميرة أن صداماً عاد لاحقاً بعد الانهيار وظهر عليه اكتئاب شديد واختلى بها في غرفة جانبية وبكى منتحباً. وقالت إنه “عرف أنهم خانوه”.. لكنه طلب منها ألا تخاف وعانق عليا وقبله.. وطلب منه أيضا ألا يخاف.. كان ذلك في آخر يوم ظهر فيه صدام علناً في بغداد.. حيث ذكرت في حينه تقارير صحفية نقلاً عن سكان حي المنصور أنهم شاهدوه في الحي يوم سقوط المدينة.
عقب هذا اللقاء حضر حراس صدام وحملوها معهم في سيارة شحن صغيرة.. وانطلقوا نحو الحدود السورية.. فيما كان ابنها علي يتبعها في سيارة أجرة (تاكسي).. وذكرت سميرة أن قافلتها توقفت وسط الطريق في مكان لم تقدر على تحديده.. سوى أنها تتذكر وجود مطعم ومسجد في المكان.. الذي جرى فيه آخر لقاء لها مع صدام.
وقالت إن صداماً حضر إلى المكان بسيارة عادية متخفياً بلباس بدوي إلى درجة أنها لم تتعرف إليه في البداية.. لكنها أسرعت نحوه وعانقته.. كان ذلك بعد سقوط بغداد بـ12 يوماً.. وقالت انه “طلب منها ألا تسأل عن حاله.. وأبلغها أن كل ما يريده, هو أن تبقى سالمة”.
وقالت إنه سلمها حقيبة يد في داخلها خمسة ملايين دولار نقداً.. فيما قام أحد مرافقيه بإدخال صندوق ثقيل إلى سيارة الشحن التي كانت تقلها.. ثم قال لها صدام: “يمكنك استعمال محتويات هذا الصندوق إذا شعرت بحاجة إلى ذلك فعلا”.
ثم أمسكً بيدها ووضعها فوق قلبه.. وقال لها إن كل شيء سيكون على ما يرام.. وأضافت أنها بعد هذا اللقاء ظلت تبكي طوال الطريق حتى وصلت إلى دمشق. حيث مكثت ثمانية أيام قبل أن تنتقل إلى لبنان.. وعندما فتحت الصندوق وجدت في داخله سبائك تزن 10 كيلوجرامات ذهباً تقدر قيمتها بنحو 85 ألف جنيه إسترليني.
وقالت إنها عندما وصلت إلى الحدود اللبنانية تسلمت وابنها جوازي سفر جديدين يحمل الأول اسم خديجة.. والثاني اسم حسن.. وأبلغت الصحيفة أن صداماً ظل على اتصال بها طوال الوقت, مع أنه لم يكن يعطيها كثيرا من التفاصيل أثناء مكالماته الهاتفية معها, وعندما كانت تنقطع مكالماته كان يبعث لها برسالة خطية بعد يومين أو ثلاثة يشرح لها سبب عدم اتصاله.
وقالت الشهبندر: إذا كان لا يستطيع أن يقول شيئا مع التفاصيل في الهاتف.. فإنني أتلقى رسالة توضح الأمر خلال يومين أو ثلاثة.. بعد إعدام صدام بفترة توجهت الى باريس لتقيم فيها.

عشقٌ أم حبٌ لا يقاوم ؟
عندما ما رأى صدام سميرة الشهبندر لأول مرة برفقة زوجها.. قرر التقرب من هذه الأربعينية التي لا يعرفها.. أرسل لها العطور والملابس والمجوهرات والسيارات.. غير أن سميرة رفضت في بادئ الأمر الهدايا.. لكنها وبعد بضعة أسابيع.. وخلال رحلة لزوجها إلى الخارج.. لم تقاوم جاذبية الرئيس: (لقد كان أقوى رجل في العراق).. كانت سميرة أماً لطفلين حين كانت السيارات والهدايا الفخمة تتهاطل عليها.. وقد لاحظها صدام جيداً.. وأسره جمالها خلال نزهة نظمها لابنته حلا.. ليست ملامحها فقط.. ما لفت انتباه الرئيس.. الذي كان يحب النساء المتعلمات والمستقلات.. فسميرة من عائلة أرستقراطية بغدادية معروفة.. وكان صدام طموحاً لأن يرتبط بامرأة من الطبقة الأعلى.. كان صدام يرغب في أن يكون رجلاً جديداً في حياته الخاصة.. ولأن ساجدة تربت معه.. وكانت تعرف كل شيء عنه.. لذا كان من الصعب عليه أن يعيش حياة حميمة مع هذه المرأة التي يعرفها منذ زمن بعيد.

قصة زواجه حسب رواية الشهبندر:
عن قصة زواجها من صدام حسين قالت سميرة الشهبندر إنها بينما كانت متزوجة من مهندس طيار عراقي في بداية الثمانينيات ولها منه ولد وبنت.. وقع نظر صدام عليها ذات يوم أثناء رحلة مدرسية شاركت فيها ابنته الصغرى حلا.
وأثر ذلك حضرً لزيارتها في البيت حاملاً باقة من الورد وعلبة من الشوكولاته.. ونظرة حب.. لتتزوج هي من صدام.. على رغم أنها من عائلة أرستقراطية.. كانت تنظر بدونية إلى صدام القادم من مناطق العشائر والقرى الزراعية البائسة.
وعلى رغم أن سميرة الشهبندر وحدها استطاعت أن تلفت نظر صدام.. (ولم يحب أحداً مثل ما أحبها بجنون).. فإنه منع ابنها من زوجها الأول من العودة إلى العراق لأنه رفض الالتحاق الخدمة العسكرية الإلزامية.. ولم تتمكن سميرة من التحدث إلى ابنها طوال السنوات السابقة.. إلا بعد سقوط نظام صدام.. وبعد وصولها إلى بيروت.

طلاق سميرة من زوجها:
يقول مصدر مقرب من عائلة نور الدين الصافي الزوج السابق لسميرة الشهبندر.. إن صدام زار بيت الصافي.. ودخل الى البيت من غير أن يصطحب معه أحداً من أفراد الحماية.. وكان الصافي موفداً خارج العراق إثناء زيارة صدام لبيته.. وحين علمً الصافي بالزيارة سأل زوجته.. لماذا دخل الرئيس إليك وحده ؟ فأجابته: وهل بإمكاني أن امنعه؟.. بعدها بدأت الشكوك تراود الصافي فأخبر سميرة انه سينقل الى الأردن.. فردت عليه إنها ترفض مرافقته.. عندها فهم الإشارة والرسالة.
فقال لها إن الأمر لا يعجبني لننفصل.. ويضيف الصافي قائلاً: انفصلنا بطلاق رسمي وهي لم تمانع.. مؤكداً: غير صحيح إن صدام قد اكرهني علي تطليقها.. لدي نسخة من وثيقة الطلاق.. حدث هذا في 23 نيسان 1983.
لكن الصافي لا يخفي حزنه عما حدث.. وقضيتُ في عمان أياماً ثقيلة ابتداء من 1/10/1983 كنتُ أريد أن أنسى ما حدث بالشراب.. وكنتُ أنام بملابسي الكاملة.. ويضيف الصافي قائلاً: أنا لا ألقي باللوم على صدام.. بل هي السبب في كل ما جرى.. فلم أكن مقصراً معها في شيء.
وينفي الصافي إشاعات تقول: إنها طالبت أي جهة بتحويل ملايين الدولارات باسمه.. مثلما ينفي إن طليقته لها ولد من صدام أسمع علي.. (فحين تزوجها صدام كان عمرها 37 سنة.. وكان يمكن أن تخلف منه).. لكن حتى رغد ابنته الكبرى أنكرت أن يكون لها أخ غير شقيق اسمه علي.

سميرة تصف حياتها مع صدام:
تقول الشهبندر: كان صدام قاسياً وظالماً وغيوراً.. وقراره واحد.. لا رجعة فيه.. وتواصل الحديث.. لقد منعها صدام عندما تزوجها من رؤية أطفالها الذين كانت تحبهم.. وكانوا متعلقين بها أيما تعلق.. وتقول كنتُ اشتاق لهم وبيني وبينهم الدموع!!.. وتقول إنها كانت تستغل انشغاله بالمهام السياسية الرسمية فتذهب لزيارتهم في بيت جارهم السابق.. وليس في بيتها الذي كانت فيه مع زوجها نور الدين صافي حمادي فقد حَرّمه عليها.. وتقول عندما تزورهم ترجع مكتئبة وحزينة وتواصل الحديث لتقول:
رغم السعادة التي غمرني بها صدام.. إلا إنني كنت أحس إنني مقطوعة الى “نصفين” نصف مع أولادي الذين كانوا متعلقين بيً الى ابعد الحدود.. والنصف الثاني مع السعادة التي غمرني بها صدام باعتباري زوجة الرئيس.. وتضيف كما تقول: سعادة مبنية على تعاسة الآخرين.. وكل سعادة قناعة الإنسان وبساطته بعيشه مهما كان.. هذا ما قالته الشهبندر..
ويبدو إن سميرة كانت تعيش في وضع نفسي سيئ وقلق واكتئاب.. وهي تكاد تكون “مجنونة”.. ولم تصدق عينها ما حدث.. وكانت تتصور نفسها في كابوس مزعج ليلها أرق.. ونهارها دموع.. وهي تذرف الدموع نتيجة ما حل بها وبأولادها وبزوجها نتيجة رغبة صدام التي هي الموت أو الاستجابة ولا غير ذلك كما تقول.

رواية أخرى:
إن لدى عراقيين كانوا على صلة قريبة بدوائر النظام السابق.. رواية أخرى حول زواج صدام من سميرة شاهبندر.
ووفقاً لهذه الرواية.. ذهبت سميرة لمقابلة صدام حسين في بداية الثمانينيات.. وكان بابه مفتوحا للكثيرين حينئذ.. وذلك من أجل مساعدتها في إقناع زوجها نور الدين صافي بطلاقها منه.. فردً عليها صدام: (انه مدير الخطوط الجوية العراقية.. وهو شخص جيد).. لكن سميرة ردت قائلة: (بالنسبة لك وللآخرين نعم.. أما أنا فلا).. فما كان من صدام إلا أن رفع السماعة وكلمً نور الدين صافي قائلاً: (إما أن تعدل سلوكك أو تعطيها الطلاق كما طلبت).. وبالفعل حدث الطلاق.. وانتهت العدة فبعث صدام طالباً الاقتران بالسيدة الأرستقراطية.. والمسؤولة في وزارة التعليم العالي.. وتزوجا لينجبا علياً الذي كان طالبا في كلية العلوم بالجامعة المستنصرية عند حدوث الحرب العام 2003..ويبدو إن هذه الرواية الأخيرة مشكوك بها.. وتيقى مقالتنا هذه هي الموثقة وفق الحقائق.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *