لقد نزل القران الكريم بلغة مبينة واضحة يفهمها ويدركها اهل الارض وان كانت بلغة عربية يتكلمها العرب من اهل مكة ومن جاورها…
وربما كان السؤال لم اختص الله هؤلاء القوم من دون اهل الارض وان القران جاء رحمة وهداية للناس جميعا ؟
والحقيقة ان اهل مكة وقريش منهم ، اختصوا ببلاغة التعبير والخطابة والتدبر والحكمة وامتازوا عن سواهم من البشر بفصاحة اللسان وطلاقة الصياغة وفنون الكلام فكانوا بحق اهلًا لذوي العقد والربط وريادة التفسير وصواب الرأي والمنطق..
وان لغتهم هذه تسع في مداها وقوة ومتانة حروفها ومعانيها ولوازم قواعد نطقها ورفعة استخدامها في الاشارة والدلالة والاستفهام والجر والوصف وما الى ذلك مالم يجاريها فيها أية لغة معروفة في وقتها ..
لهذه الأسباب واُخرى لايعلمها الا الله سبحانه وتعالى ، نزل كتاب الله بحروفها ومعانيها ليتحدى بها جل وعلا على لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم من نزلت فيهم وهم ما عليه من فصاحة وبلاغة وحكمة وقول..
وقد كان لله ورسوله ما أراد ، وهو الحكيم العليم ليبلغ برسالته الى الناس جميعا بان هذا الكتاب من عنده سبحانه ونزل بعلمه وأمره وان احدا من البشر مهما تطاول في بلاغته وعلمه ومقدرته لم و لَن يستطع ان يأتي بمثله او بسورة من مثله..
وقد يتسائل احدنا ولماذا من مثله ؟ والجواب ان الله عالم الغيب والشهادة لن يبلغ احدا مهما اجتهد او اصاب ان يماثل في خلقه وصنعه وان اجتمع له الانس والجن ، قال تعالى ” قل لئن أجتمعت الأنس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ” حتى تجرأ من تجرأ على الله سبحانه ليروي لمن حوله كلاما منقوصاً كاذباً شبهه بآيات القران وسوره ودعاه لنفسه او لرب اختاره من غير الله .
ان هذه المقدمة لم تكن لتبين صدق القران ونزوله من الله تعالى وعلى لسان نبيه عليه الصلاة والسلام وهو امر مفروغ منه ولا يحتاج الى برهان او دليل ، ولكنها كانت فاتحة لنصل الى الغاية من قراءة هذا الكتاب الكريم وفهمه وحفظ اياته وسوره الكريمات .
ولذا نجد أنفسنا واخرين من اخواننا المسلمين عند قراءة وتلاوة اياته ربما يستعجلون في لفظه وتدبر معانيه وان اجتهدوا في حفظه.
ذلك اني احببت ان اذكر نفسي ومن يقرأه ان يتوقف عند كل كلمة وآية ولفظ ويراجع فيه ليتدبر القول فيأخذ بمعناه الصحيح وموقعه الذي نزل لاجله وان لا يردده كما يفعل الكثيرون دون دراية أو فهم ، قال تعالى :
( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) واني والله كلما تدبرت آية او لفظ اجد فيها حلاوة النزول وحكمة الباري عز وجل ورسالته التي أراد بها هداية الناس والاخلاص لوجهه الكريم والتبرأ من كل وهم او شك او مرض.
تدبروا قراءة كتابكم الكريم الذي اختصه الله ورسوله لكم ليخرجكم من الظلمات الى النور وينأى بكم عن الباطل والظلم والشر ويقيكم بفضله من شرور انفسكم وسيئات اعمالكم ولذكر الله اكبر.، قال تعالى :({أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) .
اقول قولي واستغفر الله لي ولكم فمن أراد الله به خيرا يفقهه في الدين ويجعل له مخرجاً ويجعله من المحسنين..
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير العالمين محمدا وعلى آله وصحبه اجمعين.