من خلال حوارات شهر رمضان مع السياسيين العراقيين لفت انتباهي كلام للشيخ قيس الخزعلي بخصوص إنهاء عمل التحالف الدولي ضد داعش، باعتبار أن التحالف لم يكن موجوداً ما قبل عام 2014، كما أن بقاءه ما بعد اعلان النصر على داعش عام 2017 لم يعد ضرورياً، في ظل اندحار التنظيم عسكرياً والى الابد.
وتزامن كلام الشيخ الخزعلي مع تصويت الكونغرس بالاغلبية على إلغاء تفويض استخدام القوة العسكرية في العراق، الذي سبق وأن تم بموجبه نقل صلاحيات شن الحرب من الكونغرس الى الرئيس الامريكي.
وهو التفويض الذي على آثره جرى إرسال الجيش الامريكي الى العراق، واطلاق حروب واسعة ومفتوحة على مرحلتين، الاولى عام 1991 والثانية في 2003، شملت بناء قواعد عسكرية في مناطق متفرقة، وكذلك الإجراء الذي أتاح القتال ضد تنظيم داعش.
وعلى خلفية قرار الكونغرس ربما يكاد يكون الوقت قد اصبح مناسباً لحل وإيقاف التحالف الدولي ضد داعش، الذي تأسس بناءً على دعوة عراقية رفعتها بغداد للمجتمع الدولي جراء الغزو الارهابي الذي قام به التنظيم في منتصف عام 2014، بعد أن انطلق من سوريا باتجاه الحدود العراقية.
وكانت الجمهورية الإسلامية في ايران أول دولة تدخل على خط الدعم والمواجهة من خلال قيامها بطلعات جوية مسيرة فوق الاراضي العراقية، تلاها وصول مستشارين عسكريين وشحنات ذخيرة مختلفة الانواع، إلا أن ايران ظلت خارج التحالف وكذلك روسيا.
ومع تصاعد الاحداث انذاك في مناطق شمالي العراق وشرق سوريا دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في ايلول/ سبتمبر 2014 الى عقد اجتماع دولي في باريس تحت عنوان (مؤتمر الأمن والسلام في العراق) كانت من أبرز مخرجاته تشكيل تحالف عسكري انضمت له 30 دولة.
واشعل مؤتمر باريس شرارة الحرب الدولية ضد داعش، ما شجع الرئاسة الفرنسية الى أن تدعوا لمؤتمر ثان اواسط عام 2015، شهد انضمام 8 دول عربية مع تركيا، الى جانب اعضاء (حلف الشمال الاطلسي/الناتو)، بالاضافة الى تفاعل الولايات المتحدة الامريكية.
وبدخول الولايات المتحدة على الخط انتقل التحالف الدولي ضد داعش الى المرحلة الثالثة، التي شهدت توسعة في الجهود والعمليات العسكرية بحكم مشاركة 85 دولة، ساهمت بمختلف اشكال الدعم العسكري والاستخباري تحت قيادة واشنطن.
وتحملت بغداد تكاليف الحرب على مدار السنوات الثلاث بشكل أساسي، لدرجة باتت فيها تنفق 30 مليون دولار في اليوم الواحد، ما جعلها تستدين 18 مليار دولار من البنك الدولي وصندوق النقد الى جانب صناديق تابعة لمجموعة دول G7، علاوة على استدانة نحو 50 مليار دولار من مصارف داخلية تحمل البنك المركزي 63% منها، ومازالت في ذمة العراق ديوناً مالية بحدود 21 مليار دولار جراء شراء أسلحة بالدفع بالآجل ينبغي سدادها عاجلاً أم اجلاً حتى ولو على حساب التنمية والبناء.
وبتالي لابد أن تنتهي حالة التدويل العسكري التي مر بها العراق منذ 8 سنوات، باعتبار أن اسباب ومسببات هذا التدويل قد انتهت، سواء من الجانب الامريكي، ويتمثل بقرار انهاء التفويض بالتداخل العسكري في العراق، أو على خلفية اندحار داعش عسكرياً، والذي يعني نهاية الحرب، وعندها ستطوى كل معادلات الأمن القلقة، من ضمنها (هدنة الفصائل).