أصدرت المحكمة الجنائية الدولية ف2023/3/17 مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن ما تعتقده إنخراطه في جرائم حرب ارتُكبت في أوكرانيا. وجاء في بيان أصدرته الدائرة التمهيدية الثانية في المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق شخص الرئيس فلاديمير بوتين. وكذلك بحق السيدة ماريا لفوفا بيلوفا المفوضة الرئاسية لحقوق الطفل في روسيا.وقد بنت المحكمة الجنائية الدولية، إدعائها، في بيان لها، أن بوتين، مسؤول عن جريمة الحرب المتمثلة في الترحيل غير القانوني لأطفال من المناطق المحتلة في أوكرانيا، إلى مناطق داخل الاتحاد الروسي. وأن هناك، أسبابًا معقولة للاعتقا، بأن الرئيس بوتين مسؤول شخصيًا عن تلك الجرائم، التي تدعيها لائحة الإتهام. من جانبها، وصفت وزارة الخارجية الروسية، قرارات المحكمة الجنائية الدولية، بأنها “عديمة الجدوى، وليس لها أهمية، وباطلة قانونياً”. وذكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن “قرارات المحكمة الجنائية الدولية عديمة الأهمية بالنسبة لبلدنا”. وبينت زاخاروفا، أن “روسيا ليست طرفا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وليست عليها التزامات بموجبه”، وأوضحت، أن موسكو بهذا الخصوص، “لا تتعاون مع المحكمة” ، وإن مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية باطلة قانونًا، بالنسبة لروسيا.فيما وصف الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف، مذكرة توقيف بوتين، الصادرة عن المحكمة، بـ “وصف غير لائق”.ومن المعروف ، إنه تم إعتماد “نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية” في 17 تموز 1991 وقد جاء، ليتوج جهوداً إستمرت طويلاً، بهدف إقامة كيان دولي مستمر، يتولى مهمة المحاسبة، على ما تشهده الحروب والنزاعات المختلفة، من انتهاكات واضحة للحقوق الأساسية التي كفلها القانون الدولي الإنساني. وقد جرى تحديد الجرائم، التي تدخل في اختصاص المحكمة، وهي؛ العدوان، وجرائم الإبادة، والجرائم ضد الإنسانية، والجرائم ضد موظفي الأمم المتحدة، وجرائم الحرب. غير إن مقاصد هذه المحكمة، أخذت تنحو منحى آخر، وأصبحت الأغراض السياسية، تضفي بضلالها، على منهجية المحكمة، بما ينقص من صدقيتها.إن مذكرة التوقيف، جاءت في توقيت سيء للغاية، ولن تتمكن الولايات المتحدة وحليفاتها من الدول الغربية، أن تجعل من ألرئيس بوتين كغيره، فهو؛ ليس الرئيس السوداني عمر أحمد البشير، ولا هو؛ شارل بليه غوديه، أحد كبار الساسة في نظام رئيس ساحل العاج السابق لوران غباغبو. فبوتين رئيس روسيا الأتحادية، وارثة الأتحاد السوفيتي، أحد قطبي الصراع في حقبة الحرب الباردة، وروسيا ليست هي كدول الموز في امريكا اللاتينية، أو من الدول التي تنحني امام سياسات العالم الغربي، والمتوسلة عطاءه، وعطفه.وقد أظهر تحالف الصين وروسيا المعبّر عنه بزيارة الرئيس الصيني الى موسكو، رسالة من دولة بحجم الصين، بصعودها الكبير، ومكانتها الأقتصادية الهائلة، ودورها الاقليمي والعالمي المتنامي بقوة، لتوگد للمحكمة الحنائية الدولية، والأطراف التي تحركها، إنها، وهم، قد دخلا دائرة مبهمة، وفي لعبة سياسية دولية، غير محسوبة الابعاد. وللمحكمة، التي حركت دائرتها التمهيدية الثانية القضية على الرئيس بوتين على خلفية الحرب الاوكرانية، وهي حرب مثيرة للجدل، جذورها ممتدة، منذ مبدأ الشراكة من اجل السلام الموقع عليه عام 1991، الى اتفاقية منسك عام 2014، ومنذ إخلال الناتو بكل الإلتزامات التي تعهد بها أمام المجتمع الدولي، في عدم التمدد، نحو تخوم روسيا الاتحادية. وكان عليها، ” المحكمة “، ان تؤكد صدقيتها في قضية سابقة، واضحة المعالم، وظاهرة للعيان، هو العدوان الذي قامت به الولايات المتحدة، وبريطانيا، ومعها دول الغرب، على العراق. والقيام بغزوه بحجة كاذبة، اعترفت بها جميع الاوساط، ولم تتخذ حتى الآن، إجراءاً في قضية لم تسقط. المحكمة الجنائية الدولية منخرطة في احد الخيارين، أو كلاهما؛ الخضوع للضغوط الدولية، أو الكيل بمكيالين.