ربما يتندر عليّ البعض ان قلت : الحيوانات شريكتنا في الحياة ، وطالما هي كذلك فلها حق فيها كما هي حالنا ، وأول حقوقها أن تعيش بسلام ، ماذا تقول يا رجل ، وهل حصلنا على حقوقنا لكي تطالب بحقوق الحيوان ؟ ، ألا ترانا نُقتل بدم بارد من دون أن نسمع بمن تلطخت يده بدمائنا نال جزاءه العادل ، هكذا سيقول البعض وبنظرة من طرف العين يشوبها استهزاء ، أعرف انهم سيسخرون مني ، ويصفوني بذاك الذي ( يثرد بصف الماعون ) في وقت تناهشتنا فيه مخالب ديمقراطية الذين تبجحوا فيما مضى بالدكتاتورية ، واذا بهم يفصلّونها على مقاساتهم ، وليس على مقاس الأكفاء الذين يمكنهم انتشالنا من الوحل الذي نحن فيه ، وليس أفضل من ( سانت ليغو ) طريقا لدكتاتورية جديدة لا تختلف بشيء عما شهده العالم عبر تاريخه المعتم .

فالديمقراطية الزائفة هي دكتاتورية بوجه آخر ، حصيلتها عقود جديدة من الفشل والخراب تضاف لما قاسيناه في زمن المظلومين والظالمين . يبدو هكذا مكتوب علينا أن نكون نهبا لقلق دائم ، لذلك ليس غريبا ان تنمو وتتجذر فينا روح العدوان التي لم يسلم منها الحيوان .

ولم نتعلم من دروس الماضي شيئا ، وبدل أن نغرس الرأفة والعطف في نفوس أطفالنا ، صاروا يطاردون القطط والكلاب ويرمونها بالحجارة فتراها مضرجة بالدماء او عرجاء ان لم تمت ، فلا يأمن الحيوان وحشية الانسان ، وكأنه يعرف ان روحه تفوح بالعدوان ، فما أن يحضر الانسان حتى تفر الطيور هاربة ، وما أن تتفتح وردة حتى تجد من يقطفها .

قد يكون العنف الذي تجذر فينا نحن الكبار نتيجة الحروب والحصار وعسكرة المجتمع واطلاقات رفعة العلم ، ولكن كيف صار أطفالنا هكذا ، بينما ولدوا في زمان غير زماننا ، يقطعون الأغصان المتدلية من الأسيجة ، ويخربون مقاعدهم الدراسية ، وزجاج نوافذ صفوفهم ، ويشكلون مجاميع للاعتداء على بعضهم داخل المدرسة وخارجها ، ويخرجون منها متدافعين ، وبالصراخ وتشابك الأيادي يتحاورون ، ويعبثون بحدائق المدرسة ان وجدت ، ويلوثون الجدران ، مظاهر العنف لدى الأطفال جلية ولا تحتاج الى بيان ، انه الأنترنيت يا أخي ، مغرمون بالألعاب الالكترونية التي جلّها قتل ودماء ومطاردات ، وما عدنا بقادرين على كبح هذا السيل العارم من العنف الالكتروني . وماذا تفعل المدرسة ؟ ، يجيبني أحدهم جازما : ألا ترى ان التربية غابت والتعليم تعثر ، واللامبالاة هيمنت على ادارات مدارسنا ، ولم يعد يعنيها كيف تتشكل شخصيات أطفالنا ، ألا تشاركني الرأي بان معلمينا الجدد لم يتأهلوا بما يكفي ، صدقني ياعزيزي ان كل ما يحدث سببه المدرسة لأنها لم تنمِ فينا روح الانتماء وحب الوطن بما يكفي ، ولو حدث ذلك ، لما رأيت من يرمي القمامة في غير مكانها ، ولما شاهدت قصابا يذبح الماشية أمام أنظار الأطفال ، ولما استفزتك عجلة أمنية تسير عكس الاتجاه ، ولما رأيت غير مؤهل يرشح نفسه لمجلس النواب ، او يتطلع لمنصب قيادي في الدولة ، انها منظومة مترابطة ، ويبدو ان الدولة فقدت السيطرة عليها ، ولذلك فتوقع في قادم السنوات عنفا لا يقيم وزنا للإنسان وليس للحيوان.

يعيبون عليك رفقك بالحيوان ، مع ان ديننا الاسلامي يحثنا على العناية به ، يقول رسولنا الكريم (ص) : ( دخلت امرأة النار في هرة ربطتها ، فلم تطعمها ، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ) ، وكذلك ( مَن قَتل عصفورًا عبثًا عجَّ إلى الله يوم القيامة منه يقول : يا ربِّ إنَ فلانا قَتلَني عبثًا ولم يقتلني منفعة ). فما بالك بالذي يقتل الحيوان لعبا ، او يدهسه عمدا ، او لا يكلف نفسه بدفنه بعد نفقه ، غير مبال بالروائح الكريهة الناتجة عن جسده المتعفن ، او يتكاسل عن ازاحتها عن شارع عام بعد دهسها ، مشوها صورة الشارع بمنظر قبيح لا يليق بالإنسان أن يبقيه هكذا . للأسف فشلنا في اعمار الانسان .

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *