سأقطعُ قدميَّ كي لا أشتري حذاءً جديداً . سأخلعُ أسنانيَ كي أكتفي بحساءِ العدس .
سأزرعُ صورةَ أبي فوقَ رفِّ النسيان ، كي أنسى البابَ البغداديَّ الشرقيَّ البديع .
سأطشُّ حنطةً بكفّي أصطادُ بها الطيرَ وأهشُّ سخامَ الأيام .
سأشتري مثاقيل قماش قليلة وأرتق بها باب قميصي ، كي أنجو من ظلمة البئر وفتنة التأويل .
سأخلع سن العقل والزائدة الدودية ورمش العين ومحبس إيمان ومليون شعرة من رأسي ومثلها من أسوار لحيتي المباركة . سأقص معدتي وأجعلها بقدر نصف كف كي لا ينثلم خبز العائلة .
سأنظف دفتر الأصدقاء من الفوائض كي ينخفض منسوب العياط في المقهى سأشيل فص الذاكرة كي لا أكتب على شاهدة قبري أن الدرويش قد مات من فرط الحنين .
سأزرع حقل حروف ناتئة فوق كفي كي أحبط مخيال اللص .
قد أقطع الكفين من أساس الرسغ حتى لا أصفق .
سأسقي قبر أبي الطيب المتنبي فيخرج رأسه ويرتل على مسمعي الصافي :
لكِ يا منازلُ في القلوب منازلُ
أقفرتِ أنت وهنَّ منكِ أواهلُ
سأبصق على الجهات الأربع وأركض والعشاء خبّاز .
سأفزز الوزان فيضرط ويكيل لي حمل أباعر خفاف .
سأبرق حتى يصير طريق الوحشة عشيرة قناديل .
سأثقب طبل الحرب لينام نؤاس آمناً مطمئناً .
سأرسم بيتاً على حائطي وأصيح : الدار بالغربة وطن .
سأجر الشمس من خشمها وأتمم القصة كما أنزلت أول مرة