يسود في العراق مصطلح «قاطع ومنطقة» في العمليات العسكرية منذ عقود عديدة، اذ يجري دائماً اسناد المناطق بحسب تقسيمات جغرافية الى قيادات قواطع أو عمليات للجيش والقوات المسلحة وأضيف إليهم الحشد. هذه المرحلة يبدو انها طويلة الأمد في العراق ولا نهاية قريبة لها، ومادامت القوات لم تعد الى ثكناتها أو نطاق الفعاليات العسكرية الدورية العادية فأنّ توصيف البلد يكون تحت ظرف الطوارئ، اذ لا يوجد بلد يماثل العراق في التصنيفات ونشر القوات الا تلك البلدان التي لا تزال في حالة حرب.
متى ننتقل الى تقسيم مساحات العراق الى نطاقات جغرافية وإنتاجية ومواردية بحسب تصنيف اقتصادي. وهذه التجربة شرعت بها السعودية امس بإعلان تقسيم المملكة الى أربع مناطق اقتصادية عملاقة، تبلغ مساحاتها ما بين ستين وحتى عشرين كيلو متراً مربعاً تستند الى تعريف أعلنوه للمنطقة وفاعليتها، قالوا فيه:
«تُعرف المنطقة الاقتصادية الخاصة (SEZ) بأنها منطقة يتم تحديد حدودها جغرافياً، وتحظى بمعاملة وميزات تنافسية أو تشريعية خاصة، تختلف عن الاقتصاد الأساسي للأنشطة الاقتصادية التي تمارس داخلها، مع عدم الإخلال بالاتفاقيات والالتزامات الدولية النافذة في المملكة.
وتُعد تلك المناطق مراكز تنموية فاعلة، وذلك من قدرتها على استقطاب عوامل الإنتاج (بما في ذلك: رأس المال، والعمالة، والتقنيات المتطورة)، هذا بالإضافة إلى دور المناطق الاقتصادية الخاصة كمناطق عالمية، وما يصاحبها من تحولات اقتصادية اجتماعية تسهم في تحقيق التنمية المستدامة».
يمكننا في العراق، إعادة تصنيف إنتاجية البلد بحسب المدن الصناعية ذات الارتباط الجغرافي ببيئة محددة تغذيها بالموارد القريبة، وتغري الشركات العالمية الاستثمارية ان تستوطن فيها، بشروط عراقية توفر فرص عمل للعاطلين والكفاءات أيضاً.
هل نسمع قريباً عن تعيين قائد عمليات المنطقة الصناعية الأولى في الحلة وقائد المنطقة الاقتصادية الثانية في الموصل، والثالثة في العمارة وهكذا.
تجارب البلد السابقة فاشلة لأنها ربطت كل الفعاليات بحقائب وزارية، هي في الأساس مرتهنة بمرجعيات سياسية «واسعة الذمة وقصيرة النظر».
لم تفكر اية جهة، من واضعي الدستور أو من الحُكّام أو الأحزاب، بتحويل مفهوم الفيدرالية التي نصّ عليها الدستور الى واقع نهضة اقتصادية عبر فيدراليات صناعية وزراعية إنتاجية ترتقي بالعراق بمساعدة من ثروة النفط ذات السيولة المالية الى مرتبة الدول الإنتاجية كتركيا مثلاً. لم نسمع عن الفيدرالية في العراق سوى مقولات السياسيين العقيمة والضحلة وهي ليست أكثر من مرادفات التقسيم والمحاصصة والصراع.
لم يبق وقت طويل ويتحول البلد الى صحاري، ليس فيها نفط ولا توجد فوقها قواعد صناعية بديلة، وعند ذاك اقرأ على السلم الأهلي السلام مليون مرة