لا أريد بهذا العنوان حصر رسالة المقال بما يقرأ أو بما يكتب، وإنما بجميع أشكال ما “ينتج” من مواد أدبية وفنية ومواد تواصلية، ويتلقاه ويتفاعل معه من مستقبلين من قراء ومشاهدين ومستمعين.
هذه العلاقة بين ما يكتب وما يقرأ هي علاقة تفاعلية في تأثيرها المتبادل. فكم كانت لكتابات آثارها البالغة في تشكيل وعي وأخلاقيات شعوب، وكان العكس بالعكس صحيح. وكم كانت لرغبات القراء وأذواقهم من أثر على تحديد طبيعة “المنتجات” الأدبية والفنية.
وفي هذا المقام تلعب عوامل متعددة دوراً في تقدير جودة المنتج من ناحية، والوقوف على رصانة أو تفاهة جانبي العلاقة: القارىء والكاتب، منها:
الأجيال:
لا بد من الاقرار بأن للأجيال خصوصياتها سواء أكانوا قراءً أم كتاب. فلكل جيل حاجاته الخاصة به ورغباته وأذواقه،ك وطرق تعبيره، رغم المشتركات الإنسانية الموضوعية.
النقاد: وهم عيون ومنصات الحكم على ما ينشره الكاتب وما يستسيغه القارىء في المحتوى والأسلوب والجمالية والأثر والهدف.
الجهات المختصة:
لا أريد بها جهات الرقابة البوليسية الخانقة لأي منتج أو إبداع تجد فيه نقداً للحاكم والنظام. حتى دعوات النقد البناء التي تتذرع بها تلك الأجهزة قد يفسر ويستغل لذات الأغراض البوليسية لكم الأفواه. بيد أن دوراً واعياً ايجابياً هو ضرورة لتصحيح وتصويب التفاهة والدس والشطط.
الإعلام:
قد تتداخل أعمال الإعلام مع أعمال النقاد وحتى الجهات المختصة في تسليط الضوء على مستوى ما يكتب وما يقرأ، وبالتالي لعب دورها الايجابي في هذا الشأن.
الاسترزاق والكسب: الكتاب هم بشر يسعون الى كسب عيشهم واشباع رغباتهم الاخرى من خلال انتاجهم. بيد ان ذلك لا يستقيم بمنأى عن رغبات وحاجات القارىء. نعم هناك من يكتب دون الأخذ بالاعتبار لرغبات القراء، لكنه يبقى في حدود الاستثناء والمغامرة الفردية. وهكذا هم كذلك مؤسسات النشر والتوزيع.
لقد شاعت عبارة بين منتجي الأفلام في ردهم على افلام “هابطة” تقول:
الجمهور عايز كده!
ان مروجي الأعمال على اليوتوب يهمهم عدد المشاهدات التي يسترزقون منها وربما يصبحوا مشهورين من خلالها. بيد أن من أخطر الأمور هو النفاق في التعبير عن المواقف: تمطرنا وسائل التواصل الاجتماعي بكل غث وسمين، لنكن صادقين مع أنفسنا ومنصفين في حكمنا عن ما يستهوينا، ونعلم أنه يستهوي الآخرين. وعندها سنكون أكثر عدلاً في الوقوف على “تفاهة” الكاتب أو القارىء