يتوقع بعض المراقبين ومنهم الدكتور نوفل الحسن ان يصل سعر النفط الى 50دولار . واذا صدق هذا الاستشراف فانه يعني “ان العراق سيدخل في ازمة حقيقية وستحرج الحكومة بسبب نسبة العجز الكبيرة في الموازنة اصلا”، كما يقول احد المتابعين.
واذا صدق هذا، وهو محتمل بدرجة معقولة حيث ان اسعار النفط متذبذبة بدرجات كبيرة، فانه يجب العمل على تلافي الازمة قبل وقوعها.
ويجب الاذعان لحقيقة ان الازمة المتوقعة ليست حكومية فقط، انما هي ازمة وطنية، واعني بذلك ان مواجهتها وصدها ووضع الحلول لها هو مسؤولية الحكومة والشعب معا، بحيث يقوم كل طرف بما يقع على عاتقه من مسؤولية.
وبالتالي فان حزمة الحلول المتصورة للازمة هي مجموعة نشاطات تتقاسمها الحكومة والشعب معا. وتتطلب هذه المشاركة بناء جسور الثقة بين الطرفين وتعزيزها، بما في ذلك تيسير الاجراءات الحكومية التي تتطلبها حزمة المشاريع، وانفتاح الحكومة على خبرة رجال الاعمال والخبراء الاقتصاديين العراقيين في القطاع الخاص والجامعات، والاقلاع عن سياسة “وراء الكواليس” التي تتبعها الحكومات العراقية في وضع الحلول وتخـــــطيط المـــشاريع.
و لا حل للازمة الا بتعدد مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط: الزراعة والتربية الحيوانية والصناعات المرتبطة بهما، والسياحة، والضرائب، ودفع اجور الخدمات، وتقليص العدد الكلي لموظفي الحكومة، وضبط التعيينات في دوائر الدولة، وتقليل الانفاق الحكومي.
تصدير فائض
ترتبط الزراعة بعلاقات العراق الخارجية ايضا. يجب العمل على تصدير فائض الانتاج الزراعي والحيواني الى دول الخليج التي تمانع من الاستيراد من العراق الان. على وزارة الخارجية طرح هذا الامر على الدول الخليجية من الكويت الى عمان وتحسين القدرة التصديرية للعراق.
كخطوة اولى يمكن استدانة 10مليارات دولار من الاحتياطي النقدي وتوجيهها للنشاط الانتاجي وتحسين البنية التحتية المرتبطة بها وتعزيز القدرة الانتاجية للقطاع الخاص. ولا يقال ان ذلك سوف يؤثر على قيمة الدينار العراقي لانه ثبت بالتجربة ان جزءاً كبيرا من هذه القيمة انما هو قرار سياسي تتخذه الحكومة ويمكن السيطرة على سعر صرف الدينار بعد اقتراض هذا المبلغ.
ويمكن استخدام جزء من هذا المبلغ لتنشيط وتوسيع نطاق المشاريع الصغيرة في الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات وزج اكبر عدد ممكن من الشباب وخاصة الخريجين الجدد من الجنسين في هذه المشاريع.
ويتطلب هذا ان يقلع الخريجون عن فكرة التعيين في دوائر الدولة والاتجاه الى العمل الحر في مختلف مجالات النشاط الاقتصادي، على ان تقدم الحكومة الدعم الكافي في مختلف المجالات للمشاريع الصغيرة بالشكل الذي يمكنها من الوقوف على قدميها و تعزيز متانة الاقتصاد الوطني. ويمكن الاستفادة في هذا المجال من الخبرة اليابانية المتقدمة جدا.
اقول هذا، وانا على كامل الاتفاق مع الاخ نوفل الحسن اذْ يقول: “ان مؤسسات الدولة الحالية تشكل أكبر عائق لنهوض اقتصاد حقيقي لدولة منتجة”، مضيفا “ان العراق لا يحتاج لأموال لتحريك اقتصاده بقدر احتياجه لمؤسسات مصممة لتشجيع العمل و الانتاج و الاستثمار وجل ما موجود يشكل بيئة طاردة للمشاريع غير المحمية من الأغطــــــــــية المقـسة.”
وهذه بالذات مسؤولية الحكومة الحالية والبرلمان الحالي لاتخاذ خطوات تشريعية وتنفيذية لبناء نظام مؤسسي داعم للعملية الانتاجية وميسر لها.