من المعلوم أنَّ الدولةَ ليست هي الحكومة ؟
لأن الحكومة سلطة من سلطات الدولة(تنفيذية) معنية بتنفيذ خططِ وسياسات الدولة أسوةً بالسلطات الأخرى القضائية والتشريعية ، مما يعني أن الحكومة أداةٌ من أدوات الدولة تُستخدم من أجل رعايةِ مصالح الناس وتقديم الخدمات لهم ،، لهذا فإن رعايةَ المصالح وتفعيلِ الخدمات وجودتها والارتقاء بالأداء العام هي مسائلُ تحتاجُ إلى رقابةٍ ومتابعة لأعمالِ الحكومة ، وعادةً تواجهُ الحكومة انتقادات الناس على أعمالها أو تقاعسها أو ضعفِ أدائها بسبب طبيعة اختصاصاتها المعقدة والمتداخلة ، وكثرةُ التغييرات التي تحصل في أجهزتها وتشريعاتها ، لهذا فإن الدولةَ على عكس الحكومة لها كيانٍ سياسيٍ وسيادي في نطاق إقليمي تزاول نشاطاتها من خلال مؤسساتها في ظل الاعتراف الدولي بشخصيتها ووجودها القانوني ، وبالتالي فهي تمارسُ اختصاصات السيادة ، وتعبر عن الشرعية والهيمنة والسلطة العامة باعتبارِ أن الدولة لها مفهومٌ أكثر اتساعاً من الحكومة لأنها الكيان الشامل ، أما الحكومة فهي جزءٌ من الدولة ، وبالتالي هي ليست ثابتة وإنما متغيرة ولا تتمتع بديمومة أو استقرارٍ أو حتى منهجيةِ عمل مرسومة لا تتغير ،، لذلك لا يجوز انتقاد الدولة ، وإنما النقدُ يوجهُ إلى الحكومة إذا قصّرت في أعمالها وألحقت الضرر بالدولة،، ولأن الحكومة كسلطةٍ تنفيذية فإنها تقع في الكثير من المشكلات والناس تصوب انتقاداتها لأداء الوزراء والعاملين من القيادات في الأجهزة الحكومية انطلاقاً من أن الانتقاد الهادف ضرورة ويصبُ في المصالح العليا للدولة،،كما أن انتقاد الحكومة حق أصيل من حقوق الشعب ، فلا ينبغي أن ينزعج منه الوزراء أو القيادات في الأجهزة الحكومية ما داموا ارتضوا بتحمل المسؤوليات، وأقسموا على حماية الدولة والمحافظة عليها ،،
ومما لا شك فيهِ أن انتقاد الناس للحكومة أصبح اليوم من الأمور المألوفة يتقبله الجهاز التنفيذي إدراكاً إن ثقل المسؤولية واحتمالات الخطأ و دستوريةِ الرقابة على الأعمال والأداء هي مكونات من أعمالِ الحكومة ،، بل إن الدولة الديموقراطية ترى أهمية في مساءلة الحكومة من خلال أنظمتها السياسية والتعددية الحزبية والفكرية والتي تلتقي عادةً على المصالح العليا للدولة ، وتختلفُ في الأساليب أو النهج المتبع مع الحكومة بهدفِ توجيه وتصويب أخطائها وتفعيل دورها في تحقيق المزيد من التقدم والرخاء.