في الأنظمة الشمولية ، يظهر الرئيس هو القائد الأوحد محبوب الجماهير ، و هو القائد الضرورة الذي لولاه لما كان الوطن ، بل إن القائد إذا قال ، قال الوطن و انحنى له الزمن ..
في كل النظم الشمولية ، تجمع الجماهير من المدارس والكليات و المعامل و المؤسسات الحكومية حتى يقول المذيع المداح : هبت الجماهير لقائد الثورة، و التغيير ، وبطل الأمة و المسير …و *الحقيقة* ، أن الجماهير يتم جلبها للتصوير و الهتافات في زمن التفاهات..
قبل عقدين من رحيله ، قام الرئيس الجزائري الراحل بوتفليقة بزيارة رسميّة إلى أحد أسواق اللّحوم ، كان السوق نظيفاً ومنظماً ، وأثناء تجواله مع رجاله في السوق وقف عند قصّاب شابّ ،وبدأ معه الحديث:
بوتفليقة : لحومك ليست سيئة ، كيف حال البيع معك؟؟
الجزار : في العموم جيد سيّدي.
بوتفليقة : وكم كيلو بعت هذا الصباح مثلاً ؟
الجزار : لم أبع ولا كيلو واحد سيّدي.
بوتفليقة : لماذا ؟
الجزار : بسبب زيارتك لم يسمح بدخول الناس إلى السوق سيّدي.
بوتفليقة : إذاً أنا أشتري منك ، أعطني خمسة كيلو غرام من هذا الفخذ.
الجزار :ليس لدي سكين سيدي ، و لا أستطيع أن أبيع سيدي !
بوتفليقة : لماذا لا تستطيع ؟؟
الجزار : بسبب زيارتك ،قاموا بجمع جميع السّكاكين سيدي.
بوتفليقة: تستطيع حتى بدون سكين ، أعطني هذا الفخذ كلّه.
الجزار : لا أستطيع سيّدي.
بوتفليقة : لماذا ؟ لماذا لا تستطيع ؟؟
الجزار : لأني لست الجزار سيّدي ، أنا عسكريّ من قوّات الأمن .
بوتفليقة غاضباً : إذهب ونادي قائدك.
الجزار : قائدي يبيع السمك في الجهة المقابلة سيدي.
و هذا حدث مع الرئيس المصري الراحل حسني مبارك أثناء زيارته لأحد أحياء القاهرة أثناء دعمه لمرشيحه من (الحزب الوطني) في (مجلس الشعب) ، مما أوحى لأحد كتاب القصص أن يؤلف فيلم (طباخ الريس) ، و يلقى باعباء ما يجري على الحاشية و الفريق الرئاسي ..
قالت لي ذات مرة وزيرة ألمانية سابقة في برلين : *زمن الجماهير* ، و *ثورات الجماهير قد ولت* .. *الان* *زمن الإعلام و التواصل الاجتماعي و المال* .. متى ينتهي النفاق المجتمعي في مديح الرئاسات والنواب بحضورهم ؟؟؟!!!، و الى متى نبقى نمجد القيادات و نبجل الزعامات ؟؟!!
ربنا أعنا على تحمل ما ابتلينا به من مشقات.. و ارنا طريق النجاة و حسن الحياة..
البروفيسور د.ضياء واجد المهندس
مجلس الخبراء العراقي