رغم كل ما تعرض ويتعرض له مسيحيي‮ ‬العراق من تشريد،‮ ‬سلب للحقوق،‮ ‬قتل،‮ ‬تهجير،‮ ‬تهميش،‮ ‬مصادرة ارادتهم،‮ ‬استملاك عقاراتهم وابادة ممهنجة،‮ ‬لم‮ ‬يستطع‮ ‬مسيحيي‮ ‬العراق توحيد جهودهم لتأسيس هيئة موحدة تصون حقوقهم وتدافع عن وجودهم وتحفظ كرامتهم وتمنع تشتتهم واندثارهم،‮ ‬بل بالعكس من ذلك تماما كانوا في‮ ‬خصومة مستمرة في‮ ‬ما بينهم وصراع لاشريف على المناصب وامتيازاتها،‮ ‬وبذلك امسى مسيحيي‮ ‬العراق بين نارين لا خلاص منهما،‮ ‬نار داعش وفكرها ونار المصلحة الذاتية التي‮ ‬يفرضها القلة من ابناء هذا المكون على ابناء عمومتهم‮ ( ‬ونقصد بالقلة سياسيي‮ ‬الصدفة وبرلمانيي‮ ‬ضربات الحظ‮ ).‬
كانت العشرون سنة الماضية من تاريخ العراق الحديث،‮ ‬بعد تأسيس الدولة العراقية،‮ ‬كارثية بامتياز حيث وجهت اقسى ضربة الى الوجود المسيحي‮ ‬في‮ ‬العراق،‮ ‬فهجر اكثرمن مليون مسيحي‮ ‬وبات بقائهم في‮ ‬خطر حسب كل الاحصائيات والدراسات،‮ ‬وفي‮ ‬خضم هذه المأساة وخطورة الانقراض المسيحي‮ ‬من وطنهم الاصلي،‮ ‬كان القلة من السياسيين ورجال الدين المسيحيين مخلصين للقضية ويشعرون بالمسؤولية تجاه ابناء شعبهم،‮ ‬وكان‮ ‬غطبة البطريرك احد هؤلاء ان لم‮ ‬يكن اولهم‮. ‬فكان‮ ‬غبطته دائم المتابعة لاحوال المسيحيين وظروفهم المعيشية والتحديات التي‮ ‬تواجههم،‮ ‬ومدافعا رصينا وقويا وثابتا في‮ ‬الدفاع عن حقوقهم وحرياتهم ومعتقداتهم الدينية،‮ ‬وجريئا في‮ ‬نقد التشريعات والخطابات التكفيرية التي‮ ‬تمس ايمان المسيحيين ومقدساتهم الدينية،‮ ‬ومثابرا في‮ ‬تشخيص العلل وتدويل مآسي‮ ‬ومعاناة المسيحيين،‮ ‬اضافة الى كونه شخصية وطنية‮ ‬يدعو في‮ ‬كل حواراته الى محاربة الفساد وبناء دولة علمانية مدنية تصون حرية المواطن العراق وتحفظ حقوقه بغض النظر عن انتمائه الديني‮ ‬والقومي‮ ‬والطائفي‮.‬
التنمر على‮ ‬غبطة البطريرك والتهجم عليه بهذا الشكل عبر الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي‮ ‬له مدلولات كثيرة‮ ‬يمكن تلخيص اهمها في،‮ ‬اولا‮ ‬غياب القانون حيث‮ ‬ينص قانون العقوبات العراقي‮ ‬في‮ ‬المادة‮ ‬372 ‮ (‬1‮- ‬يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات‮: ‬هـ‮ – ‬من اهان علنا رمزا او شخصا هو موضع تقديس او تمجيد او احترام لدى طائفة معينة‮ )‬،‮ ‬وبما ان مار لويس ساكو هو بطريرك الكلدان في‮ ‬العراق والعالم فيعتبر رمزا دينيا‮ ‬يستوجب احترامه‮ !!! ‬ام كونه من الاقلية‮! ‬المسيحية وبلا ميليشيا مسلحة لا‮ ‬يستحق الاهتمام والاحترام؟ وثانيا‮:- ‬زرع الخوف والهلع في‮ ‬نفوس المسيحيين عامة والكلدان بصورة خاصة واجبارهم على الصمت والسكوت والتأقلم مع الواقع المر المفروض عليهم،‮ ‬فاذا كانوا‮ ‬يفعلون هذا باعلى سلطة كنسية كلدانية في‮ ‬العراق والعالم فماذا سيفعلون باتباع هذه الكنيسة والمسيحيين بصورة عامة من المواطنين العاديين؟
اي‮ ‬كانت الاسباب التي‮ ‬ادت الى تدهور العلاقات بين‮ ‬غبطة البطريرك مار لويس ساكو والسيد ريان الكلداني‮ ‬ما كان‮ ‬يجب ان تصل الامور الى هذا الحد من التصعيد الاعلامي‮ ‬والقضائي‮ ‬التي‮ ‬تؤدي‮ ‬الى ارتدادات سلبية على واقع ومستقبل المسيحيين ككل،‮ ‬بل بالعكس من ذلك كان‮ ‬يجب حل كل الخلافات بهدوء وعقلانية بعيدا عن الاعلام والقضاء بما‮ ‬يخدم مصالح ومستقبل القلة الباقية من المسيحيين‮.

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *