ما أقسى أن يجري منح صحافي عراقي جائزة دولية رفيعة من الاتحاد الدولي للناشرين، كما حصل مع مازن لطيف الذي نال جائزة فولتير في حفل في أوسلو فيما قرنوا اسمه بمفردة المغيّب قسراً في العراق.
هنا، لا أعرف هذا الصحفي شخصياً، وسمعت من الاعلام بواقعة اختفائه التي ثار الجدل حولها كثيرًا قبل أن يهمد، ويهمني الساعة أن أتناول ظاهرة الاختفاء القسري التي ربما تعني في دول كثيرة الخطف والسجن بعيداً عن العيون والزيارات، في حين انها تعني شيئاً واحداً محدداً في العراق هو الموت.
القضاء هو المكان الذي يفترض ان تحال اليه جميع القضايا الإشكالية الكبيرة من دون السماح لأية جهة ممارسة أدوار القاضي والجلاد استنادا الى اجندات خاصة بها ومعلومات تحتمل الصحة والكذب في الوقت ذاته.
في أوسلو تجمعت قبل أيام نُخب صحفية و دارت احاديث لمتخصصين حول ترسيخ ظاهرة الاعتداء على الصحفيين بدرجات مختلفة في الشرق الأوسط تصل الى حد الخطف والقتل مع تفشي الإفلات من العقاب، وكان العراق في صدارة كل الاحاديث لاسيما انّ منح هذه الجائزة الرفيعة سلّطت الضوء على وضع غير طبيعي في بلدنا، لا ندري متى سيستقيم في حدوده الدنيا.
النُخب الدولية طالبت الحكومة العراقية بالتحقيق في اختفاء هذا الصحفي وصحفي اخر معه، وآخرين قبلهما، وسمعت من اعلامي قوله، انّ التحقيقات الجارية لملاحقة الفاسدين واسترداد أموال الدولة بعد ما عرف بسرقة القرن وما كان قبلها ليست اهم في أي حال من الأحوال من المضي في تحقيقات جدية للكشف عن مصير أي شخص مغيّب ومفقود داخل بلده مع وجود شواهد على الجريمة، لاسيما اذا كان صحافياً بارزاً. وقال أحدهم؛ ليكن الحساب مع أي شخص مخالف للقوانين من خلال الحوار أولاً، ومن ثم القضاء من اجل الإصلاح وليس الهدم.
وقال ناشط سويسري في مداخلة تلفزيونية امس انّ وقتاً طويلاً انقضى على تغيير الوضع السياسي في العراق وانه كان شاباً يافعاً في التاسعة عشرة يوم وقعت الحرب في العراق2003 وسقط نظامه واليوم يقارب الأربعين عاماً من عمره، ولا يزال يرى صورا شاذة لا يمكن ان يُسمح بوجودها في مجتمع تحول نحو الديمقراطية