حين عاد الصديق الدكتور جلال الماشطة من موسكو في 2003.. اتصل بي ودعاني لزيارته في بيته بالخضراء. كانت السيارة تنتظرني قرب فندق المنصور ميليا ، ودخلت الخضراء لأول مرة. ما كنت اعرفه شخصيا،ولا هو يعرفني شخصيا.. لكنه كان يعرفني من كتاباتي لأنه اعلامي مخضرم عمل في اذاعة موسكو والبي بي سي وراديو سويسرا وتلفزيون ابو ظبي..
استقبلني بباب بيته، جلست..فقال مبتسما:
-انا ممنوع عليّ اشرب ،لأن عندي كلى..بس ،بيت السبع ما يخلى من العظام!..شتحب تشرب؟
– قهوة.
كان في وقتها هو المسؤول عن شبكة الأعلام العراقي ،فعرض عليّ ان اكون ضمن اعضاء هيئتها الأدارية .
استفسرت منه ما اذا كانت تتمتع بحرية مطلقة ،اجاب ..للأسف لا ..امريكا لها دور..وثبت ذلك باغلاق صحيفة (النهضة) التي رأس تحريرها بسبب خلافاته مع امريكيين مشرفين على الأعلام العراقي.
وفي 2004 التقيته ثانية في مهرجان كلاويز بالسليمانية ممثلا لرئيس الجمهورية الراحل جلال الطالباني (الذي نفتقده الآن)..وكنا نقيم بنفس الفندق،وآلمني انه كان محروما من تناول ما يشتهي.
في مكتبتي..احتفظ بأروع ما ترجمه عن الأدب الروسي ..اهداها لي..وكتبت عنها وعنه مقالا.
رحل جلال في نيسان 2016.. وخسرنا عقلا اعلاميا كبيرا، وسياسيا نزيها ،وشخصية وطنية كرّس حياته من اجل أن يعيش العراقيون بكرامة ورفاهية.