الظاهرة التي تصدى لها السيد مقتدى الصدر المتمثلة بـ”أصحاب القضية” هي ليست ظاهر جديدة بل قديمة وتعود جذورها إلى سنوات وهذه الجماعات تدعي أن السيد مقتدى الصدر هو الأمام المهدي أو هو الشخص الذي سيسلم الرايه إلى الأمام المهدي، وهذه الافكار كانت عبارة عن وجودات فردية ومتناثرة داخل التيار الصدري والمجتمع الشيعي لكنها خلال الفترة الماضية نمت وتوسعت وتحولت لمجوعات مغالية داخل التيار الصدري ثم في داخل جسم التشيع، وبرأيي أن هذه الظاهرة ساعد في بروزها عوامل داخلية وخارجية لكن أهم العوامل التي ساعدت على ذلك هي الظروف الأجتماعية والأقتصادية التي يمر بها جنوب ووسط العراق والصدمة التي تعرض لها المواطنينن هناك بعد العام 2003 بسبب خيبات الأمل من القيادات السياسية الشيعية والدينية حيث تسبب انتشار الفساد وسوء الإدارة وتراجع المستوى الثقافي والتربوية إلى بروزة هذه الامراض التي تسببت بظهور هذه الظاهرة علما التي لم تكن وليدة المجتمع الشيعي بل ممكن أن تظهر داخل المجتمع السني لكن باشكال مختلفة.
بصراحة أنا لا امتلك المعلومات بشأن دعم بعض الجهات السياسية العراقية التي إلمح لها السيد الصدر لكن بالتأكيد الإِحْباط والصدمة من القوى السياسية الشيعية التي تفاجئت بها الجماهير الشيعية من سلوك قياداتهم ساهم كثير في تفشي هذه الظواهر الدخيلة والاهم معرفة الجهات المستفيدة من ظهور أصحاب القضية التي تسيء للتيار الصدري.. المفكر الاسلامي الشيعي غالب الشاهبدر يشبه أوضاع المجمع الشيعي على أنه مقارب لاوضاع المجتمع بعد استشهاد الامام الحسين حيث يعاني المجتمع من انتكاسات كبيرة وتراجع في الوعي والمستوى الثقافي وغيره كما أن القوى السياسية الشيعية انزوت عن القواعد الجماهيرية وأهتمت بالأمور الحزبية والمكتسبات المادية وتركت هداية والإرشاد الشعب وتثقيفم.
جانب سياسي
واذا ما عدنا إلى الجانب السياسي لظهور هذه الجماعات المهدوية فأن ظهورها لم يكن بالصدفة لأن علم السياسية لا يؤمن بالصدف وما يحصل من محاولات تشويه التيار الصدري هي حرب سياسية بغطاء عقائدي؛ والسؤال هنا مادامت هذه الجماعات موجود منذ عهد والد السيد مقتدى الشهيد محمد صادق الصدر فلماذا نشطت في هذه الايام؟ أي بعد انسحاب التيار الصدري من المشهد السياسي والتجأ السيد الصدر إلى ممارسة الامور العقائدية والحوزوية وأعتقد أن الهدف الأساس من بروز هذه الجماعات داخل التيار الصدري هي أشبه بخجر داخل خاصرة التيار الصدري لتشويه سمعة التيار وملاحقته واحداث انشقاقات داخلية واشغال التيار الصدري بصراعات داخلية حتى يبتعد عن الساحة السياسية والأبتعاد عن قضايا الإصلاح، لأن أشغال التيار التيار ومن ثم تفتيت التيار والتقليل من نفوذه وحصر أعداده يصب بمصلحة غُرَمَاءُ الصدر لأن هذه المجاميع المغالية بحب الصدر تواجهها الان مجاميع تناصب الصدر العداء بمعنى أن ذلك ربما يحدث صراعات داخل المكون الشيعي بين هذه المجموعات التي تعمل بمنأى عن دور الدولة في محاربة هكذا ظواهر.
لذا فلا نستغرب عندما يتوقع البعض أن هناك ادوار لجهات داخلية وخارجية تعمل بخطى حثيثة لاشهال التيار الصدري في هذه الصراعات وابعاده عن المشهد السياسي فلا نستغرب أن لهذه الجماعات المغالية بحب بالسيد الصدر يكون لها دور مخفي عكس الدور الظاهر لهذه الجماعات والقصد ضرب التيار ودوره وعمقه وأحداث الانشقاقات.
السيد مقتدى الصدر أشار بكلمته في ضريح ابوه إن الحرب السياسية مع الفاسدين تحولت إلى حرب عقائدية، وفيما خيّر أتباعه بين قبوله كقائد إصلاحي غير مجتهد ولا معصوم او “الفراق الى يوم الدين”، هاجم ذوي “العقائد المنحرفة” الذين ادعوا بأنه “المهدي المنتظر”.
الجهات المستفيدة من اشغال التيار الصدري من هذه الاتشقاقات هي من تقف وراء دعم هذه الجماعات وبالتأكيد أن أمام السيد مقتدى الصدر الكثير من خيارات أحلاها مُـرّ لهذا الوضع وربما في مقدمتها العودة إلى التوافق السياسي وترك قضية الإصلاح السياسي.