مشروع طريق التنمية الذي تبناه العراق تاريخي في فقراته وتوجهاته في ربط تركيا ومحيطها الإقليمي بدول الخليج، مع تحويل مناطق عراقية الى نقاط انتاج صناعي إقليمي تشترك فيها الدول الغنية او التي تمتلك خبرات بشرية وصناعية. لكن هذا المشروع الاستراتيجي التي يحتاج الى تكريس جهود جيل كامل لكي ينتقل العراق من موقع استهلاكي استنزافي من دون خطط كبيرة الى سكة مواكبة العصر والذي يتجه بسرعة فائقة الى عصر ما بعد النفط، هذا النفط الذي لا يعرف العراق حتى هذا اليوم مورداً مالياً عالياً ورئيسياً سواه، وهو أمر بحد ذاته عقبة امام أي مشروع تنموي لأنّ البنية التحتية لقيام صناعات ونهضة تنموية في حدودها الدنيا ، فضلا عن انّ البلد يحتاج الى حملة نهضوية في صناعة ثقافة العمل من أجل الإنتاج والبناء والمستقبل، وهي مواجهة قاسية وقد تكون قاتلة في بعض محاورها مع تكوينات ترسخت في الفساد واقطاعيات الكانتونات السياسية الاقتصادية النفوذية.
هناك ساعة الحقيقة التاي لابد ان تدق ضرباتها قويا للإعلان عن نهاية حقبة مظلمة والشروع بالالتحاق بطريق البناء واستعادة أكثر من جيل من يد الاختطاف لصالح النفوذ الشاذ الذي رسّخ كل ما يتعارض مع قيم الانتماء للوطن قبل الانتماء للتقسيمات والتصنيفات الأخرى.
هل استعد العراق في مشهده السياسي والرسمي وما حوله للانطلاق نحو عالم اخر؟ هل تعي القوى التي تتناحر وتتعثر بمشكلات تكاد لا تبعد عن قدميها، من دون رفع الرأس عالياً للنظر الى أفق البلاد والمنطقة في ظل متغيرات وقرارات عالمية، ليس لأحد الوقوف امامها ما لم يكن مستعد بأدوات التفاعل معها .
لقد قاد الأمير محمد بن سلمان طريق التنمية الجديد في السعودية، وغيّر جميع سياقات ومناهج الحياة والعمل والتفكير، من خلال وحدة القرارات ونفاذ فاعليتها ، فهل نستطيع في العراق ان نتجنب الاهواء والضغوطات والنوازع الشريرة المعشعشة في رؤوس بعضهم للمضي نحو ركوب قاطرة الانتقال من واقع الى آخر ، مستفيدين من اخر برميل نفط يمكن ان تنتجه أراضينا.