اللافت‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬في‭ ‬تركيا،‭ ‬ليس‭ ‬مَن‭ ‬ينافس‭ ‬مَن،‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬برنامج‭ ‬المتنافسين،‭ ‬فتلك‭ ‬أمور‭ ‬قد‭ ‬تتغير‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬تستمر‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬خضوعها‭ ‬لظروف‭ ‬الواصل‭ ‬الى‭ ‬سدة‭ ‬الحكم،‭ ‬لكن‭ ‬المثير‭ ‬هو‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭ ‬العالية‭ ‬من‭ ‬المشاركين‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تتوفر‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬مجاور‭ ‬لتركيا،‭ ‬وأحياناً‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬بلدان‭ ‬متقدمة‭ ‬وعريقة‭ ‬في‭ ‬التقاليد‭ ‬الديمقراطية‭.‬

المشاركة‭ ‬الكثيفة‭ ‬التي‭ ‬تجاوزت‭ ‬التسعين‭ ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬رسوخ‭ ‬ثقافة‭ ‬الاسهام‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬سياسي‭ ‬لبناء‭ ‬تركيا،‭ ‬وهذه‭ ‬العلامة‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬بإمكانية‭ ‬التغيير‭ ‬عبر‭ ‬صناديق‭ ‬الاقتراع،‭ ‬وانّ‭ ‬العملية‭ ‬ذات‭ ‬جدوى‭ ‬وليس‭ ‬أصواتاً‭ ‬تذهب‭ ‬في‭ ‬جيوب‭ ‬اقطاعيات‭ ‬النفع‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬ببارقة‭ ‬أمل‭ ‬للشعب‭.‬

ما‭ ‬وجدناه‭ ‬من‭ ‬عزوف‭ ‬كبيرعن‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬العراقية‭ ‬البرلمانية‭ ‬في‭ ‬الدورات‭ ‬الأخيرة‭ ‬ينبع‭ ‬من‭ ‬الشعور‭ ‬بالإحباط‭ ‬من‭ ‬جدوى‭ ‬عملية‭ ‬لا‭ ‬تفضي‭ ‬الى‭ ‬التغيير‭ . ‬اذ‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬الحاكمة‭ ‬ومعظمها‭ ‬متشكل‭ ‬بعد‭ ‬احتلال‭ ‬العراق‭ ‬العام‭ ‬2003‭ ‬لا‭ ‬تعي‭ ‬حاجات‭ ‬الناس‭ ‬بنوع‭ ‬التغيير‭ ‬المنشود‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬أهدافه‭ ‬وعن‭ ‬أي‭ ‬السبل‭ ‬للخلاص‭ ‬من‭ ‬التردي‭ ‬يبحث‭ ‬العراقيون‭.‬

‭ ‬وهناك‭ ‬مَن‭ ‬يرى‭ ‬انّ‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬تعرف‭ ‬حقيقة‭ ‬المطالب،‭ ‬ولكنها‭ ‬بحكم‭ ‬عوامل‭ ‬الهيمنة‭ ‬والقوة‭ ‬والاستقواء‭ ‬بالخارج‭ ‬تتجاهلها‭ ‬وتمضي‭ ‬نحو‭ ‬برامجها‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتلاقى‭ ‬مع‭ ‬طموحات‭ ‬الناس‭.‬

‭ ‬وعي‭ ‬الناس‭ ‬هو‭ ‬أساس‭ ‬تطوير‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬وهذا‭ ‬الوعي‭ ‬سيجبر‭ ‬الذين‭ ‬يظنون‭ ‬انهم‭ ‬فوق‭ ‬الشعب‭ ‬بمجرد‭ ‬ان‭ ‬يمروا‭ ‬الى‭ ‬كراسي‭ ‬المناصب‭ ‬في‭ ‬غفلة‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬يتنحوا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التغيير‭ ‬إذا‭ ‬فشلوا‭ ‬في‭ ‬الانخراط‭ ‬به‭ ‬وتعديل‭ ‬سلوكهم‭ ‬وتصحيح‭ ‬مسارهم‭ ‬الاعوج‭.‬

لكن‭ ‬الأحزاب‭ ‬والقوى‭ ‬العراقية‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬أزمات‭ ‬داخلية‭ ‬تنظيمية‭ ‬تكرس‭ ‬الوجاهات‭ ‬السياسية‭ ‬المتناسلة‭ ‬والحجرية‭ ‬المقاومة‭ ‬للتغيير،‭ ‬وهذه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬ينتج‭ ‬عنها‭ ‬دعم‭ ‬لمسيرة‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬البلد‭. ‬

لا‭ ‬بدّ‭ ‬من‭ ‬فك‭ ‬هذا‭ ‬التناقض‭ ‬قبل‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬سياسية‭ ‬جديدة‭ ‬تشبه‭ ‬التجارب‭ ‬الحية‭ ‬في‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬تعيشها‭ ‬دول‭ ‬عدة‭ ‬،‭ ‬كانت‭ ‬صناديق‭ ‬الانتخاب‭ ‬فيها‭ ‬حماية‭ ‬للبلد‭ ‬من‭ ‬الفاسدين‭ ‬وليس‭ ‬جذبا‭ ‬لهم‭

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *