في جميع الخطط التي تهدف للنهضة في الصناعة، أو التعليم، أو الصحة، أو الخدمات العامة، ينبغي أن يضع المخططون التناسب العمري لفئات الشعب في صلب العملية الأساسية لأية خطة في التنمية.
الثروة النفطية مهددة بالنضوب بعد عقود، وانّ الثروة ذات الاستمرارية الضامنة لحيوية البلد هي القوة البشرية في المراحل العمرية.
الثروة البشرية تحتاج الى عوامل صيانة للإدامة، ومن ثمّ الاكتشاف في التخصص والإنتاج. وإنّ الصيانة مرتبطة بتحسين الظروف الصحية والعلاجية للمواطن من لحظة ولادته وعبر جميع مراحل نموه، مع العناية بالأم من حيث وضعها الصحي وامكاناتها المعيشية على تربية طفلها، قبل ان ينتقل الى المدارس الحكومية التي ينبغي أن تتوافر على عناية عالية المستوى بتنمية قدرات الطفل وترسيخ انتمائه الوطني على وفق مبدأ العدالة والمساواة منذ الصغر. مرحلة رعاية القوة البشرية تنطلق من الخطوات الأولى، فلا تعليم ولا تربية يصلحان بعد أن تفسد الأمور، ويخضع الطفل لرياح التأثيرات الاجتماعية السيئة.
أمّا المرحلة الثانية فهي مرتبطة بالفرز والمعاينة والاكتشاف، لدفع القابليات المتميزة الى اماكنها الصحيحة في التعليم، ومن ثمّ الى العمل بحسب الحاجات الفعلية المتصلة بتنمية البلد في خطة خمسية او عشرية، لها بداية ونهاية واضحتان يمكن التأسيس عليهما.
في السعودية مثلاً التي تمتلك أكبر اقتصاد عربي، يبلغ عدد السكان اثنين وثلاثين مليون ومائتي الف نسمة
يشكّل الشباب الذين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً 51,1 بالمئة من إجمالي نفوس السعودية، وهي النسبة التي ترجح ان يستمر الاقتصاد في النمو اذا جرت مواكبة صحيحة للتربية والتعليم والصحة والتأسيس الصناعي.
لا ينفع ان يأكل جيل حصة الأجيال المقبلة من الموارد النفطية من دون ان يعطي البديل التأسيسي الذي سيدر على الجيل التالي موارد التنمية وديمومة الحياة، فضلا عن انه يؤسس لسياق انّ البلد انتاجي السمات، له نسبة عالية من الاعتماد على النفس والاكتفاء الذاتي.
ما يهمنا من أي إحصاء عام للسكان في العراق هو التوظيف السليم للأرقام التفصيلية الخاصة بالقوة البشرية المعطاءة من أجل الإفادة في صناعة خطة استمرارية الحياة وتطويرها. لا يجوز اهمال أي رقم من دون معاينته ومقابلته مع الإمكانات والخدمات التصميمية والإنتاجية. اعلم ان مجلس النواب لم يكن معنياً برؤية استراتيجية في النظر الى افق مستقبل العراق، وتلك من ابتلاءات هذا البلد، لكن يبقى الامل معقوداً على البقية الباقية من خبراء وكفاءات يمكن ان تطوع الأرقام السكانية وتصنفها في خطط التنمية والتطور. اذا لم يتدخل العامل السياسي سلبياً.