لقد عَرَّفَ قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام الرقم / 14 لسنة 1991 وتعديلاته .. ان الوظيفة العامة هي تكليف وطني وخدمة اجتماعية يستهدف القائم بها المصلحة العامة وخدمة المواطنين ، وتم تعريف الموظف انه شخص عهدت اليه وظيفة داخل ملاك الوزارة او الجهة غير المرتبطة بوزارة .. ولو دققنا جيداً بما يحدث في دوائرنا الحكومية الرسمية من حالات انتهاك لآدمية المواطنين واستغلالهم واذلالهم فهو شيئ لا يصدق ويندى له الجبين ، فانعكست الصورة التي فرضها وحدد معالمها القانون آنف الذكر ، بل تجاوز ذلك حتى وصل الامر الى ان بعض الموظفين يستغل وظيفته في مساومة النساء على شرفهن مقابل اكمال معاملاتهن وهذا ما صرحن به بعض السيدات علانية على قنواتنا الفضائية .
ان غالبية من دخل السلك الوظيفي بعد سنة 2003 لا يفهم معنى الوظيفة وهو يظن ان الراتب الذي يتقاضاه ما هو الّا حق مكتسب لا يمكن المساس به ، وعليه ان يستخدم نفوذه الوظيفي من اجل تأمين مورد مالي اضافي وبالاسلوب الذي يراه مناسباً ، وغالباً لا يجد امامه طريق اسهل من عملية استغلال المواطنين وعرقلة معاملاتهم والزامهم بدفع الرشاوي بصفة اكراميات اجبارية خصوصاً بغياب الجانب الرقابي ، والمصيبة ان المواطن قد تعود على ذلك وأدمَنَ عليه ، بل اصبح الموضوع علنياً وبعلم الجميع ، ومما يثير الاستغراب ان دوائر القطاع الخاص تخلو من هذه التصرفات المشينة ، ونلاحظ ان موظفيه يتسابقون في خدمة من يقصدهم ويتعاملون معه بكل ادب واحترام وشفافية وهم يعملون كخلية نحل لانجاز معاملات المواطنين بنفس اليوم ان لم يكن بنفس الساعة وفضلاً عن ذلك قيام الكثير من مؤسسات القطاع الخاص بتخصيص مكان لائق ومكيف لجلوس المراجعين ، بل انها وفي بعض الاوقات تقوم بتقديم المشروبات الباردة او الحارة كضيافة وكعامل جذب لهم ، وانا ادعوكم لزيارة اي دائرة او مكتب تابع لاحدى شركات الاتصالات في العراق وسترون ترجمة ماكتبته لكم على ارض الواقع ، فهل يعقل ان دوائر الدولة الحكومية يصل بها الامر الى ان تضطهد مواطنيها وتستغلهم ولا تستطيع ان تحذو حذو دوائر القطاع الخاص في التعامل مع المواطنين ؟