في‭ ‬دول‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬يقولون‭ ‬انّ‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬تجاوزوا‭ ‬الثمانين‭ ‬أو‭ ‬السبعين،‭ ‬وفي‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يكثر‭ ‬فيها‭ ‬المُعمّرون‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬لقب‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬يليق‭ ‬بمن‭ ‬تجاوزوا‭ ‬التسعين‭ ‬من‭ ‬أعمارهم‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬العراق،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تلحظ‭ ‬بسهولة‭ ‬أنَّ‭ ‬لقب‭ ‬كبير‭ ‬السن‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬الشكل‭ ‬العام‭ ‬والوضع‭ ‬الصحي‭ ‬لمَن‭ ‬بلغ‭ ‬الأربعين،‭ ‬اذ‭ ‬تفتك‭ ‬بالإنسان‭ ‬العراقي‭ ‬قبل‭ ‬الامراض‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬يرثها‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬غذائي‭ ‬غير‭ ‬صحي‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬مجبرا‭ ‬عليه‭ ‬بسبب‭ ‬الحاجة‭ ‬والعوز،‭ ‬الهموم‭ ‬والغيرة‭ ‬التي‭ ‬تحرق‭ ‬دمه،‭ ‬وهو‭ ‬يرى‭ ‬طبقة‭ ‬السياسيين‭ ‬الرسمية‭ ‬وغير‭ ‬الرسمية،‭ ‬وهي‭ ‬توغل‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭ ‬تعيسة،‭ ‬بجراح‭ ‬البلد‭ ‬فيما‭ ‬تستأثر‭ ‬بالامتيازات‭ ‬والتشريعات‭ ‬التي‭ ‬تحمي‭ ‬غنائمها،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬يجري‭ ‬تحت‭ ‬شرعية‭ ‬ينخرها‭ ‬الفساد‭ ‬والمصالح‭ ‬والصفقات‭ ‬المشبوهة‭ ‬في‭ ‬الغرف‭ ‬المظلمة‭ ‬وتقديس‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬القدسية‭. ‬

هناك‭ ‬عراقيون‭ ‬كانوا‭ ‬عاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬الأربعين‭ ‬من‭ ‬أعمارهم‭ ‬حين‭ ‬احتل‭ ‬الامريكان‭ ‬البلاد‭ ‬وجاءوا‭ ‬بالسلطة‭ ‬الجديدة،‭ ‬وكانوا‭ ‬يأملون‭ ‬بهذا‭ ‬التغيير‭ ‬إيجاد‭ ‬وظائف‭ ‬حكومية‭ ‬لائقة‭ ‬لهم‭ ‬أو‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬خاص‭ ‬منتعش‭ ‬تحت‭ ‬ظروف‭ ‬اقتصادية‭ ‬مستقرة‭ ‬ومزدهرة،‭ ‬ولكنهم‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬عاطلون‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬وقد‭ ‬وصلوا‭ ‬الى‭ ‬السن‭ ‬القانونية‭ ‬للتقاعد،‭ ‬لأنهم‭ ‬ليسوا‭ ‬من‭ ‬جيوش‭ ‬المحسوبيات‭ ‬والمنسوبيات‭ ‬كما‭ ‬انهم‭ ‬غير‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬الرشى‭ ‬لنيل‭ ‬الوظيفة‭.‬

‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬يخرج‭ ‬الالاف‭ ‬تلو‭ ‬الالاف‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬يومياً،‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬حيّه‭ ‬السكني‭ ‬الى‭ ‬الشوارع‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬ممارسة‭ ‬طقوس‭ ‬جديدة‭ ‬قديمة‭ ‬من‭ ‬التمارين‭ ‬الرياضية‭ ‬التي‭ ‬تشيع‭ ‬البهجة‭ ‬في‭ ‬القلوب‭ ‬والصحة‭ ‬في‭ ‬الاجسام‭. ‬وشوارع‭ ‬المدن‭ ‬والبلدات‭ ‬الاوربية‭ ‬وحدائقها‭ ‬مليئة‭ ‬بكبار‭ ‬السن‭ ‬في‭ ‬ملابس‭ ‬الرياضة‭ ‬وهم‭ ‬يهرولون‭ ‬صباحاً‭ ‬ومساءً،‭ ‬وهذه‭ ‬باتت‭ ‬تقاليد‭ ‬صحية‭ ‬واجتماعية‭ ‬مترابطة،‭ ‬فأين‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬أجواء‭ ‬الرياضة‭ ‬الشعبية‭ ‬لكبار‭ ‬السن‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬نزلنا‭ ‬الى‭ ‬عمر‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الأربعين‭ ‬استنادا‭ ‬الى‭ ‬حقائق‭ ‬الكهولة‭ ‬النفسية‭ ‬التي‭ ‬أنزلتها‭ ‬الحكومات‭ ‬الفاسدة‭ ‬على‭ ‬قلوبهم‭ ‬وأبدانهم؟

لا‭ ‬سبيل‭ ‬للخلاص‭ ‬من‭ ‬الفساد‭ ‬تحت‭ ‬أجنحة‭ ‬عقود‭ ‬الوزارات‭ ‬واقنعة‭ ‬الوزراء‭ ‬وجيوب‭ ‬النواب‭ ‬وكواليس‭ ‬زعماء‭ ‬الأحزاب‭ ‬الظلامية‭ ‬المظلمة‭ ‬ونهب‭ ‬ثروات‭ ‬البلد،‭ ‬بسوى‭ ‬إشاعة‭ ‬الرياضة‭ ‬وتعاون‭ ‬الناس‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬على‭ ‬تسهيل‭ ‬ظروفها‭ ‬للجميع،‭ ‬لإراحة‭ ‬النفوس،‭ ‬ولو‭ ‬قليلا‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬المأساوي،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬انتظار‭ ‬معجزة‭ ‬أو‭ ‬زلزال،‭ ‬أو‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬مجاورة‭ ‬تحدث‭ ‬حولنا،‭ ‬لكي‭ ‬يصيبنا‭ ‬من‭ ‬شرارها‭ ‬ما‭ ‬يُحرق‭ ‬وينير‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭.‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *