لا نستطيع الجزم أن كل الدول التي ارتبط اقتصادها بالدولار تدهورت وتراجع النمو فيها واضطرب اقتصادها ،واوروبا منذ الحرب العالمية الثانية اكبر شاهد ودليل فقد ارتبطت بالرأسمال الامريكي الداعم والموجه والمخطط الى ان نهضت ، كما أننا لا نستطيع ان ننكر ما لهذا الارتباط من ازمات ،انما المقصود هنا وكي لا نتناقض هو من يحسن التعامل مع وضع الارتباط هذا ويتكيف مع الازمات ويجتازها كما فعلت العديد من دول العالم النامية لتظهر قوى اقتصادية لها حضور عالمي وقد التحقت بركب الدول المتقدمة مثل كوريا الجنوبية وسنغافورا وتايوان فضلاً عن هونغ كونغ( دول النمور الاسيوية) وكذلك ماليزيا فجُلها دارت بالفلك الدولاري واعتمدت اقتصاد السوق الحر وانتقلت اقتصادياتها اثر الخصخصة والقطاع المختلط الى مصاف الدول الرأسمالية بعدما اجادت تصنيع بلدانها والانفتاح على العالم بتجارة رائجة مربحة اتقنت الاستثمار والتخطيط ووضعت قوانين صارمة وحازمة لمتابعة النمو والتطور فضلا عن تكنلوجيا متطورة مازالت تسير على الوتيرة نفسها متصاعدة ومواكبة للتطور العلمي، وعند القوانين اقف وهي مربط الفرس، اذ لم يكن ظهورها وتطورها بعيداً عن ضبط إيقاع التطور الاقتصادي، وان يكون جزافاً من دون وعي بكيفية فهم واستيعاب ما يحدث للأسواق العالمية ولحركة المال، ومن ثم توفير المناخات المناسبة للاستثمار من دون ان يجور على المواطن وان يحقق العدالة الاجتماعية وانتشال واقع الناس وتحسين مستواهم المعيشي، لذا رفدت مجموعة قوانين العمل الاقتصادي قوته ودعمته ومارست عليه الرقابة ليُصان من التلاعب ولتحقق الدولة ارادتها وتحفظ نفسها من التقلبات وقد دعمت القوانين والتشريعات واللوائح الاقتصادية العلاقة بين الحكومات والشركات والمستثمرين ما جعل السياسة في رحم الديمقراطية ونظامها تبدو توافقية اذ كفت الاحزاب عن استغلال الفرص التي تنهب من خلالها الثروة العامة لنُشاهد في هذه البلدان نمواً مضطرداً مع نسبة رفاه معقولة وحالة استقرار ، اما نحن فقد تغلبت السياسة واحزابها ومصالحها وفسادها على كل تخطيط، بل اصبحنا نعيش في اضطرابات مستمرة ونحن نتحول شيئاً فشيئاً لاقتصاد السوق الحر ،حيث الخصخصة وتحويل ممتلكات الدولة ومشاريعها واراضيها الى هذه النظرية من نظام اشتراكي برعاية الدولة الى اخر بدا عبثياً ولم نعد نتحكم حتى بطبيعة ارتباطنا بالدولار ونظامه الرأسمالي وسُلب منا قرارنا لأننا لم نجد الانتماء لعالم الرأسمالية المرعب فالدخول بمثل هكذا عالم يحتاج قوانين قوية نافذة ورقابة مستمرة ودائمة لا أن يسيطر عليها التلاعب وتستولي عليها الاحزاب، فها نحن اليوم نشهد تصاعد بسعر صرف الدولار الذي اصبح يشبه عنان الفرس الذي تمسكه الحكومات الواقعة تحت تأثير انتماءاتها السياسية فلم تعد هناك سيطرة على بقاء الدولار داخل العراق وانما اصبح يخدم دولاً جارة ما اثار حفيظة امريكا التي وجدت في ذلك خرقاً لما تريده من عقوبات ضد ايران ووجدت في ذلك خروجاً عن ارادتها الاقتصادية العالمية وهيمنتها التي ابقتها ولأكثر من مئة عام على عرش السياسة الدولية فهي تُدير العالم باقتصادها القوي ، والان يا حكام العراق ويا شعبنا دق ناقوس الخطر ، فالأمريكان ومع هذه التوترات الدولية والحرب في اوكرانيا قد ينفذ صبرهم ويتبعون سياسة التقطير بالقطارة للدولار وهذه رسالة مفادها لا تربطوا مصيركم بالدولار ما لم تحسنوا التصرف مع العم سام ولا تربطوا مصيركم بدولٍ جارة حتى لا تغضبوا العم سام كما انكم في ظل التحولات الجديدة واتباعكم لسياسة الخصخصة تحتاجون فهماً حقيقياً لما يحدث وانتم قاصرون في ظل نظام مصرفي متخلف واقتصاد عاجز تقنياً ونوعياً فهو ريعي وفاقد للتنوع مع سياسة تدهور في القطاعات المختلفة الزراعية والصناعية والتجارية .