لا‭ ‬يوجد‭ ‬نزول‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬المهاجرين‭ ‬الذين‭ ‬يصلون‭ ‬الى‭ ‬بلدان‭ ‬أوربية،‭ ‬أو‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬تتحطم‭ ‬قواربهم‭ ‬وتنقلب‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬البحار‭. ‬المقبلون‭ ‬على‭ ‬الموت‭ ‬المحدق‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬المخاطر‭ ‬اليومية‭ ‬لعبور‭ ‬بحر‭ ‬ايجة‭ ‬او‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬خاصة،‭ ‬لا‭ ‬تردعهم‭ ‬قوانين‭ ‬مشددة‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬يرومون‭ ‬الوصول‭ ‬اليها،‭ ‬وقد‭ ‬تطردهم‭ ‬حين‭ ‬تلامس‭ ‬أقدامهم‭ ‬أراضيها،‭ ‬ولا‭ ‬يثنيهم‭ ‬ابتزاز‭ ‬المهربين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يتورعون‭ ‬عن‭ ‬ترك‭ ‬ضحاياهم‭ ‬هائمين‭ ‬على‭ ‬وجوههم‭ ‬في‭ ‬الغابات‭ ‬المجهولة‭ ‬أو‭ ‬تائهين‭ ‬بين‭ ‬أمواج‭ ‬البحار‭ ‬المرعبة‭. ‬أولئك‭ ‬جميعاً‭ ‬غير‭ ‬نادمين‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬أوطانهم‭ ‬وراءهم،‭ ‬هاربين‭ ‬الى‭ ‬المجهول‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬النادر‭ ‬أن‭ ‬يجدوا‭ ‬فيه‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬مضنية‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬والتعليم،‭ ‬لهم‭ ‬ولأطفالهم،‭ ‬بل‭ ‬انّ‭ ‬اغلبهم‭ ‬يراهنون‭ ‬على‭ ‬الإمساك‭ ‬بفرص‭ ‬للجيل‭ ‬المقبل‭ ‬من‭ ‬عوائلهم،‭ ‬ليس‭ ‬أكثر‭.‬

‭ ‬العراق‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬منبعاً‭ ‬لتصدير‭ ‬المهاجرين،‭ ‬بدفعات‭ ‬تقل‭ ‬وتزداد‭ ‬تبعا‭ ‬لظروف‭ ‬معينة،‭ ‬لكن‭ ‬الاستعداد‭ ‬للهجرة‭ ‬وترك‭ ‬البلد‭ ‬وراء‭ ‬الظهور،‭ ‬فكرة‭ ‬راسخة‭ ‬ومتحفزة‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬الشباب‭ ‬ومَن‭ ‬هم‭ ‬اكبر‭ ‬منهم‭ ‬سناً‭ ‬أيضاً،‭ ‬والسبب‭ ‬هو‭ ‬الفساد‭ ‬الذي‭ ‬يشكّل‭ ‬الناظم‭ ‬الأساس‭ ‬لفعاليات‭ ‬المجتمع‭ ‬الرسمية‭ ‬وما‭ ‬دونها،‭ ‬بما‭ ‬يتيح‭ ‬أن‭ ‬يأكل‭ ‬صاحب‭ ‬القوة‭ ‬والمال‭ ‬أولئك‭ ‬الضعفاء‭ ‬الذين‭ ‬يراهنون‭ ‬على‭ ‬قيم‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لها‭ ‬وجود‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬المتوحش،‭ ‬ويحلمون‭ ‬بغد‭ ‬فيه‭ ‬اطمئنان‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬أطفالهم،‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬بما‭ ‬يتمنون،‭ ‬فالمقدمات‭ ‬لا‭ ‬تفضي‭ ‬إلا‭ ‬الى‭ ‬نتائج‭ ‬من‭ ‬جنسها‭.‬

وجود‭ ‬وزارة‭ ‬الهجرة‭ ‬والمهجرين‭ ‬في‭ ‬البلد،‭ ‬جملة‭ ‬اعتراضية‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬هذا‭ ‬الانهيار‭ ‬العارم،‭ ‬إذ‭ ‬صمّموا‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬الوزارة‭ ‬لتقديم‭ ‬شؤون‭ ‬اغاثية‭ ‬ومتابعة‭ ‬النزوح‭ ‬الداخلي‭ ‬وما‭ ‬يتصل‭ ‬ببعض‭ ‬العراقيين‭ ‬العائدين،‭ ‬وكلها‭ ‬مهمات‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تو‭ ‬كل‭ ‬الى‭ ‬مجالس‭ ‬المحافظات،‭ ‬شبه‭ ‬العاطلة‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬والمتربصة‭ ‬بالعمولات‭ ‬والمقاولات،‭ ‬بحسب‭ ‬التوزيع‭ ‬الجغرافي‭. ‬ولا‭ ‬حاجة‭ ‬بنا‭ ‬لوزارة‭ ‬لا‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬إشاعة‭ ‬ثقافة‭ ‬بقاء‭ ‬العراقي‭ ‬في‭ ‬بلده‭ ‬وليس‭ ‬التطلع‭ ‬للهجرة‭ ‬مع‭ ‬أول‭ ‬إشارة‭ ‬او‭ ‬موقف‭ ‬او‭ ‬عثرة‭. ‬صحيح‭ ‬انّ‭ ‬الوزارة‭ ‬بمواصفاتها‭ ‬الحالية‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تضطلع‭ ‬بمهمة‭ ‬وطنية‭ ‬ترتبط‭ ‬بمفهوم‭ ‬المواطنة‭ ‬والوطن،‭ ‬ولكن‭ ‬ينبغي‭ ‬ان‭ ‬تحرّك‭ ‬صيغ‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬مؤسسات‭ ‬وجامعات‭ ‬ومنظمات‭ ‬ووزارات‭ ‬وأجهزة‭ ‬إعلامية‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬تعبيد‭ ‬طريق‭ ‬القناعات‭ ‬الوطنية‭ ‬بجدوى‭ ‬بقاء‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬تراب‭ ‬البلد‭ ‬وعدم‭ ‬مغادرته،‭ ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬التفكير‭ ‬بفتح‭ ‬مسارات‭ ‬عمل‭ ‬وتشجيع‭ ‬القابليات‭ ‬الفردية‭ ‬على‭ ‬الابتكار‭ ‬والانتاج،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬لم‭ ‬تستوعب‭ ‬الطاقة‭ ‬التوظيفية‭ ‬للدولة‭ ‬الاعداد‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬الشباب،‭ ‬وهذا‭ ‬واقع‭ ‬أصلاً‭. ‬الفساد‭ ‬مستمر،‭ ‬والمعادلة‭ ‬بسيطة‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬الانهيارات‭ ‬المرئية‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬ستكون‭ ‬مفاجئة

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *