ونحن‭ ‬مقبلون‭ ‬على‭ ‬انتخابات‭ ‬المجالس‭ ‬المحلية‭ ‬للمحافظات،‭ ‬ونرى‭ ‬من‭ ‬يرفع‭ ‬ومن‭ ‬يكبس‭ ‬في‭ ‬شعارات‭ ‬غارقة‭ ‬في‭ ‬حيص‭ ‬بيص‭ ‬السياسة‭ ‬والمجتمع،‭ ‬لا‭ ‬نرى‭ ‬احداً‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬المجالس‭ ‬القديمة‭ ‬ومنجزاتها‭ ‬وأساليب‭ ‬تعاطيها‭ ‬مع‭ ‬المشكلات‭ ‬الخدمية‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬العراقية‭ ‬التي‭ ‬تشبه‭ ‬خدماتها‭ ‬فترات‭ ‬تعود‭ ‬لقرون‭ ‬مضت،‭ ‬قبل‭ ‬التفكير‭ ‬بإتيان‭ ‬مجلس‭ ‬جديدة،‭ ‬حيث‭ ‬السمات‭ ‬المدينية‭ ‬تضمحل‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬آخر‭ ‬وتنتكس‭ ‬معها‭ ‬الخدمات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‭.‬

مجالس‭ ‬المحافظات‭ ‬باتت‭ ‬حلقة‭ ‬غريبة‭ ‬هجينة‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬لها،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬العمل‭ ‬الخدمي،‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬أساساً‭ ‬في‭ ‬مبررات‭ ‬انبثاق‭ ‬مجالس‭ ‬المحافظات‭.‬

يبدو‭ ‬انّ‭ ‬المخاوف‭ ‬من‭ ‬استحواذ‭ ‬جهة‭ ‬سياسية‭ ‬بعينها‭ ‬على‭ ‬“منصب‭ ‬المحافظ”‭ ‬ومعاونيه،‭ ‬جعل‭ ‬الجميع‭ ‬يتزاحمون‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬ضخ‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجسم‭ ‬الميت،‭ ‬مجالس‭ ‬المحافظات،‭ ‬وافتراض‭ ‬وجود‭ ‬الحياة‭ ‬فيه‭ ‬افتراضاً،‭ ‬بقي‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬على‭ ‬الورق‭ ‬فقط‭. ‬وهذه‭ ‬المخاوف‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬استقرار‭ ‬هوية‭ ‬‮«‬‭ ‬الحوكمة”‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬مبررة‭ ‬ولها‭ ‬اسبابها‭ ‬المقنعة،‭ ‬إلا‭ ‬انّ‭ ‬البدائل‭ ‬نحو‭ ‬إصلاحات‭ ‬إدارية‭ ‬لابد‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬متاحة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التغيير‭.‬

‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬الذين‭ ‬يمثلون‭ ‬محافظاتهم‭ ‬تحت‭ ‬القبة‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬،‭ ‬يبدون‭ ‬كحلقة‭ ‬زائدة‭ ‬أمام‭ ‬حلقة‭ ‬زائدة‭ ‬بالأساس‭ ‬هي‭ ‬مجالس‭ ‬المحافظات،‭ ‬إذ‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬ينظر‭ ‬الى‭ ‬انتفاء‭ ‬الحاجة‭ ‬الى‭ ‬المهمات‭ ‬التي‭ ‬يضطلع‭ ‬بها،‭ ‬فأعضاء‭ ‬البرلمان‭ ‬العراقي‭ ‬لا‭ ‬تأثير‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬مدنهم‭ ‬التي‭ ‬خرجوا‭ ‬منها‭ ‬وأوصلتهم‭ ‬الى‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي،‭ ‬لأنّ‭ ‬مجالس‭ ‬المحافظات‭ ‬هي‭ ‬المفوضة‭ ‬في‭ ‬متابعة‭ ‬شؤون‭ ‬المدن‭ ‬خارج‭ ‬العاصمة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬انّ‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يحدث‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حدوده‭ ‬الدنيا‭ ‬أو‭ ‬حدوده‭ ‬غير‭ ‬المرئية‭ ‬أحياناً‭ ‬،‭ ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬المحافظ‭ ‬شخصاً‭ ‬مطلق‭ ‬الصلاحيات‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يقبع‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬المحافظة‭ ‬في‭ ‬الظل،‭ ‬أو‭ ‬يتحول‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬تحت‭ ‬ضغوط‭ ‬الاغراءات‭ ‬الى‭ ‬تابع‭ ‬يبصم‭ ‬للمحافظ‭.‬

إنّ‭ ‬مجالس‭ ‬المحافظات‭ ‬ذات‭ ‬عمل‭ ‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬اشتقاقات‭ ‬برلمانية‭ ‬في‭ ‬التصرف‭ ‬القانوني‭ ‬عبر‭ ‬تعليمات‭ ‬مقصورة‭ ‬على‭ ‬خصوصية‭ ‬المدن،‭ ‬وهي‭ ‬مهمات‭ ‬ليست‭ ‬اعتباطية‭ ‬يزاولها‭ ‬روتينياً‭ ‬أي‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬محافظة‭ ‬كونه‭ ‬قد‭ ‬وصل‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬حزبه‭ ‬للمنصب،‭ ‬وإنّما‭ ‬هي‭ ‬مهمات‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬استشارات‭ ‬دقيقة،‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬لجان‭ ‬البرلمان‭ ‬العراقي‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تضر‭ ‬ولا‭ ‬تنفع،‭ ‬وانّما‭ ‬هي‭ ‬مسؤوليات‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬واجابات‭ ‬وحلول‭ ‬لمشكلات‭ ‬لا‭ ‬تحتمل‭ ‬التأخير‭.‬

‭ ‬السؤال‭ ‬هو‭: ‬كيف‭ ‬نعيد‭ ‬صياغة‭ ‬مفهوم‭ ‬منصب‭ ‬المحافظ؟‭ ‬وكيف‭ ‬تكون‭ ‬مهمات‭ ‬مجالس‭ ‬المحافظات‭ ‬ذات‭ ‬فاعلية‭ ‬خدمية‭ ‬خاضعة‭ ‬للمراقبة‭ ‬والمساءلة،‭ ‬وليست‭ ‬تفويضاً‭ ‬مقطوعاً‭ ‬أمده‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬فحسب‭

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *