المطبخ‭ ‬العراقي‭ ‬مطبخ‭ ‬غني‭ ‬جدا‭ ‬ومتنوع،‭ ‬ومن‭ ‬يزور‭ ‬العراق‭ ‬يستطيع‭ ‬ان‭ ‬يميز‭ ‬بين‭ ‬طعم‭ ‬الاكلة‭ ‬الواحدة‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬لمدينة‭ ‬فالدولما‭ ‬العراقية‭ ‬مثلا‭ ‬طعمها‭ ‬في‭ ‬الموصل‭ ‬مختلف‭ ‬عن‭ ‬نكهتها‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬وعن‭ ‬طعمها‭ ‬في‭ ‬اربيل،‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬مدينة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬تشتهر‭ ‬بأكلة‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬جارتها‭. ‬

‭ ‬بعض‭ ‬الاكلات‭ ‬اصلها‭ ‬عراقي‭ ‬خالص،‭ ‬وبعضها‭ ‬مقتبس‭ ‬من‭ ‬مطابخ‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬بل‭ ‬احيانا‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬بعيدة‭. ‬

يمتاز‭ ‬الاكل‭ ‬العراقي‭ ‬بغنى‭ ‬الطعم‭ ‬و‭ ‬اعتقد‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬بسبب‭ ‬الكرم‭ ‬فطبيعة‭ ‬الانسان‭ ‬العراقي‭ ‬كريم‭ ‬فهو‭ ‬يسخى‭ ‬بمكونات‭ ‬طعامه‭ ‬بالكم‭ ‬و‭ ‬النوع،‭ ‬و‭ ‬من‭ ‬اشهر‭ ‬الاكلات‭ ‬العراقية‭ ‬الپاشا،‭ ‬و‭ ‬الدولمة‭ ‬و‭ ‬الطرشانة‭ ‬و‭ ‬البرياني‭ ‬و‭ ‬القوزي‭ ‬و‭ ‬الباميا‭ ‬العراقية‭ ‬و‭ ‬الدليمية‭ ‬و‭ ‬التشريب‭ ‬و‭ ‬انواع‭ ‬الكبب‭ ‬المختلفة‭ ‬مثل‭ ‬كبة‭ ‬حلب‭ ‬و‭ ‬كبة‭ ‬موصل‭ ‬و‭ ‬كبة‭ ‬حامض‭ ‬شغلم‭ ‬و‭ ‬اكلة‭ ‬الهبيط‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬اصناف‭ ‬الحلويات‭ ‬و‭ ‬انواع‭ ‬الحلاوة‭ ‬مثل‭ ‬حلاوة‭ ‬الجزر‭ ‬و‭ ‬حلاوة‭ ‬الشوكلاتة‭ ‬و‭ ‬حلاوة‭ ‬الشعيرية‭ ‬و‭ ‬الكليجة‭ ‬و‭ ‬الزلابية‭ ‬و‭ ‬حلاوة‭ ‬الحليب‭ ‬و‭ ‬من‭ ‬السما‭ ‬و‭ ‬زنود‭ ‬السن‭ ‬و‭ ‬حلاوة‭ ‬الراشي‭ ‬و‭ ‬الشكرلمة‭. ‬

‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الطعام‭ ‬يعكس‭ ‬تراث‭ ‬عشرة‭ ‬آلاف‭ ‬عام،‭ ‬حيث‭ ‬زمن‭ ‬السومريين‭ ‬والآشوريين‭ ‬والبابليين‭ ‬والأكديين‭ ‬والعصر‭ ‬الفارسي‭ ‬الإسلامي،‭ ‬و‭ ‬العصر‭ ‬العباسي‭ ‬وما‭ ‬بعده‭ ‬من‭ ‬ازمان‭ ‬متعاقبة‭ ‬،‭ ‬ما‭ ‬جعله‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المطابخ‭ ‬العربية‭ ‬ثراءً‭ ‬في‭ ‬طهي‭ ‬المأكولات‭ ‬الدسمة‭ ‬،مثل‭ ‬الباچة‭ ‬العراقية‭ ‬و‭ ‬اكلة‭ ‬الفقع‭ (‬الكمأ‭) ‬والچيمر‭ ‬العراقي‭ ‬الطازج‭ (‬القشطة‭). ‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬أشهر‭ ‬هذه‭ ‬المأكولات‭ ‬وأقدمها‭ ‬هو‭ ‬المسكوف‭. ‬

يحافظ‭ ‬المطبخ‭ ‬العراقي‭ ‬على‭ ‬ذاكرة‭ ‬أكلة‭ “‬المسكوف‭” ‬الشهيرة‭ ‬بين‭ ‬سكان‭ ‬جنوبي‭ ‬العراق‭ ‬خاصةً،‭ ‬والتي‭ ‬ترتبط‭ ‬بحضارة‭ ‬بلاد‭ ‬الرافدين‭ ‬ويتوارث‭ ‬السكان‭ ‬طريقة‭ ‬إعدادها‭ ‬منذ‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭ ‬منذ‭ ‬ظهرت‭ ‬في‭ ‬موطنها‭ ‬بلاد‭ ‬سومر‭. ‬

وكشفت‭ ‬الحفريات‭ ‬الأثرية‭ ‬عن‭ ‬أطباق‭ ‬سمك‭ ‬مشوي‭ ‬مصنوعة‭ ‬بنفس‭ ‬طرق‭ ‬إعدادها‭ ‬حاليًا‭. ‬

‭ ‬يعود‭ ‬تاريخ‭ ‬المسكوف‭ ‬إلى‭ ‬4500‭ ‬قبل‭ ‬الميلاد،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬العثور‭ ‬على‭ ‬أول‭ ‬طبق‭ ‬مسكوف‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬أور‭ ‬السومرية‭ (‬تل‭ ‬أبو‭ ‬طبيرة‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬موقع‭ ‬أثري‭ ‬عُثر‭ ‬فيه‭ ‬على‭ ‬طبق‭ (‬ماعون‭) ‬طعام‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬عظام‭ ‬سمك‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬السمك‭ ‬المسكوف‭ ‬المشهور‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬حاليًا‭. ‬

وأظهر‭ ‬التحليل‭ ‬وآثار‭ ‬الحريق‭ ‬على‭ ‬بقايا‭ ‬العظام‭ ‬أن‭ ‬السمكة‭ ‬شُقت‭ ‬من‭ ‬الظهر‭ ‬وطبخت‭ ‬شوياً‭ ‬تمامًا‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬حاليًا‭. ‬

والعراقيون‭ ‬هم‭ ‬الوحيدون‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الذين‭ ‬تفردوا‭ ‬بشق‭ ‬السمك‭ ‬من‭ ‬الظهر‭ ‬وليس‭ ‬البطن،‭ ‬وهي‭ ‬طريقة‭ ‬متوارثة‭ ‬من‭ ‬السومريين،‭ ‬أقدم‭ ‬شعوب‭ ‬الأرض‭. ‬

فهل‭ ‬كان‭ ‬الطبخ‭ ‬من‭ ‬مهام‭ ‬المرأة‭ ‬ام‭ ‬الرجل‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬؟‭ ‬او‭ ‬تحديدا‭ ‬لتلك‭ ‬الاكلة‭. ‬

اتوقع‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬الصيد‭ ‬و‭ ‬طريقة‭ ‬الطهي‭ ‬ان‭ ‬الطاهي‭ ‬رجل‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬دلت‭ ‬الصورة،‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬ثقافة‭ ‬الطعام‭ ‬هي‭ ‬مادة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬كونها‭ ‬تعطي‭ ‬انطباع‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬الحقبة‭ ‬الزمنية‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬فن‭ ‬التذوق‭ ‬و‭ ‬اختيار‭ ‬الطعام‭ ‬هو‭ ‬ثقافة‭ ‬بحد‭ ‬ذاتها‭ ‬كما‭ ‬انه‭ ‬يعد‭ ‬مؤشرا‭ ‬لما‭ ‬كانت‭ ‬تتمتع‭ ‬به‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬خيرات‭ ‬من‭ ‬الارض‭ ‬و‭ ‬السماء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الزراعة‭ ‬و‭ ‬انواع‭ ‬النباتات‭ ‬و‭ ‬الخضار‭ ‬اضافة‭ ‬للثروة‭ ‬الحيوانية‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬الى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬تتميز‭ ‬بحلو‭ ‬المذاق‭ ‬و‭ ‬طراوة‭ ‬اللحم‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬نظرا‭ ‬للطبيعة‭ ‬و‭ ‬التضاريس‭ ‬السهلة‭ ‬و‭ ‬نوع‭ ‬الحشائش‭ ‬التي‭ ‬تتناولها‭. ‬

الطعام‭ ‬احيانا‭ ‬لمّة‭ ‬يجمع‭ ‬الاهل‭ ‬و‭ ‬الاحباب‭ ‬في‭ ‬المناسبات‭ ‬وقت‭ ‬طهيه‭ ‬و‭ ‬وقت‭ ‬تقديمه‭ ‬أيضا،‭ ‬و‭ ‬للطهي‭ ‬طقوس‭ ‬جميلة‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬الى‭ ‬اخر‭ ‬من‭ ‬موشحات‭ ‬و‭ ‬اناشيد‭ ‬و‭ ‬اهازيج‭ ‬جميلة‭ ‬و‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬تجتمع‭ ‬النساء‭ ‬للطهي‭ ‬في‭ ‬مناسبات‭ ‬الزواج‭ ‬و‭ ‬الاعياد‭ ‬و‭ ‬الافراح‭. ‬

و‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬الطعام‭ ‬ايضا‭ ‬مؤشرا‭ ‬لحالات‭ ‬التكافل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬و‭ ‬كرم‭ ‬العطاء‭ ‬فمن‭ ‬اخبار‭ ‬الطعام‭ ‬نستخلص‭ ‬بعض‭ ‬الانطباعات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬و‭ ‬الاخلاقية‭ ‬للشعوب‭. ‬

‭ ‬المطبخ‭ ‬العراقي‭ ‬يتصدر‭ ‬دائما‭ ‬المشهد‭ ‬بتنوعه‭ ‬بين‭ ‬المحلي‭ ‬و‭ ‬التركي‭ ‬و‭ ‬الفارسي‭ ‬و‭ ‬الشامي‭ ‬و‭ ‬البدوي‭ ‬الصحراوي‭ ‬و‭ ‬حتى‭ ‬الإنجليزي

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *