أراد الله للقرآن أن يمشي على الأرض، فكان عليّ بن أبي طالب، وصيّ النبي (ص). احتضنَ الحق وسار به بين الناس، فكان الحق يُعرف به عليه السلام.
جاءته الدنيا بأبهى زينتها، وقفت على بابه تعرض عليه مفاتنها وثراءها، فطردها صارفاً وجهه عنها. ألقت نفسها بين يديه، سحقها بقدمه، وراح يخصف نعله.
مسعاكِ خائب يا مغرية البشر، إنه عليّ بن أبي طالب، فيه خلاصة زهد المتقين، لا تغرّه أموال الأرض ولا جاه الدنيا، وهل تغري ثروات الكون رجلاً لم يعبد الله طمعاً بجنته ولا خوفاً من ناره، إنما عبدَه لأنه أهل للعبادة؟
أيها الغاصبون حق عليّ، لو أراد منازلتكم يوم السقيفة، لصيّركم سعفاً مرتجفا. لو أراد محاججتكم لقطع ألسنتكم ببيانه، لكن شموخه السماوي يأبى عليه أن يدخل سقيفة الخائفين. فهو عليّ بن أبي طالب راية الله التي رفعها الرسول فرفرفت على رؤوس العالمين.
يقول المؤرخون: في عليّ حارت العقول.
إني لأعجب من قولهم هذا، فما قدروا الإمام عليّ حق قدره. وهل يكون العقل واعياً إذا لم يتحير بالإمام عليّ؟ وهل يوجد بين البشر من يُدرك معنى عليّ؟
عليّ، نداء السماء الخالد في الأرضين. عليّ كلمة الحق التي أنزلها جبريل على الرسول. عليّ قسيم الجنة والنار. هو نفس الرسول بصريح القرآن الكريم، هو آية المباهلة التي خرج بها محمد (ص)، به يمتاز المؤمن عن المنافق، فهل وجدتم غيره بهذا الشرف؟
ظلموا أنفسهم حين غصبوا حقك يا أمير المؤمنين. ظلموا الإسلام وأمة المسلمين بفعلتهم تلك. أراد الله أن تسير بهم على المحجة البيضاء، لكن قوماً أضلّهم الهوى، جلسوا يتآمرون، فعقدوها فلتةً ملتويةً من وراء ظهرك.
حين يُذكر اسمك يا أبا الحسن، يحكم الخشوعُ القلب، وتدمع العين حزناً حتى في يوم ولادتك، وتسري في الروح رغبة طاغية أن تطوف حول ضريحك. طواف حول قبرك وقبلة على شباكك، تعدل ملك الدنيا كلها.