حينَ كنّا معًا ..
لمْ أفكّر في اللَمسِ
أو في الّنظرِ العميق
لم اسمع من ضحكةِ الموسيقى
سوى الفوضى
الضجيجٍ يستفزّني
وبقوّةٍ يدفعني
نحو زورق بجناحين
ورأسٍ مدبب
كنتِ بالقربِ منّي
لكنّ المكانَ يغلي بالهروب
الاتساعَ
كانَ بلا ريح
انا ايضا
كنت كذلك بلا ريح
لم أكن قادرا على شمكِ حتّى النهاية
يدُكِ المشغولة بالفراغ
كانتْ محصورةً بين المطبخ والسّكين
لم تسمح لي ان أمارسّ عينيَّ بحرية كافية
لذلك, لم أرَ من أصابعكِ غير سبابةٍ عصبية المزاج
سبابة قاسية كالخشب
تخاصمُني دائماً
ودائما
تقرّب النّار الى قلبي
لم نكن قطرتين على شجرة
بل كنا شجرتين على قطرة
مساحتنا ضيقة وعلاقتنا متوترة
أمّا بيتنا فكان صغيرا مثل رضيع
الوقت لم يكن عادلا
حتى الطّغيان كان كبيرا بيننا
والظلم بساديةٍ مفرطةٍ كان يتحكم فينا
لم يترك لنا فرصةً لنزاولَ بعضنا
او لنمارسَ لعبة الماء بالماء
لهذا لم اسمعك جيدا
ولم اركِ بوضوح تام حتّى أفترقنا
افترقنا مثل خطيّنِ متوازيين
أمّا الأن فانتِ بعيدة
بعيدة جدا ولن اصل اليك ابدا
بعيدة هناك
هنااااااااك بين قوسين غائبين
هنااااااااااااااك في وادٍ بعيد
بعيد جدا
بعييييد
بالقرب من امّي
وأنا هنا
وحيدًا
هائمًا
بين حضورين متقاطعين بالغياب
أفكّرُ فيكِ
وبجدية افكّر كيف الوصول اليكِ,
في اللّمسِ
في النّظرِ العميق
أم
في الإصغاءِ الى الموسيقى؟
حتّى سبابتكِ تلك التي طالما جرحتني
وطالما قتلتني وتركتني وحيدا
الآن أراها منديلاً ضوئيا
واضحا
يمسحُ دمعي
يؤاخيني
ويقودُني إليك!
يا شبيهتي الوحيدة
لماذا
لا يمنحني الحنينُ قدرةَ الخارقين
لأحررَكِ من المقبرة؟