طوفان الذكاء الاصطناعي يغمرنا بشكل متسارع، وأحياناً يتغلغل بأساليب قسرية مقتحماً حياتنا اليومية في مناخ عصر التكنلوجيا وصناعة النانو، حتى أصبح جزءاً لا يتجزأ منها، فيقودنا نحو تغيير طرائق العمل، حيث التواصل، والتفاعل مع الآخرين في هذا العالم بكل يسر وأريحية عبر زمن يقاس بالثواني…
الأمر الذي أثار جدلاً من التأويلات الكثيفة بشأنه، فمنهم من يعتقد بأنه ينذر بكارثة مرعبة ويشكل خطراً داهماً وشيك الوقوع. إذن التقنية تتحكم في كل شيء، وعلى مدار الساعة، لذلك من الضرورة بمكان مراعاة المخاطر، والعواقب المحتملة المرتبطة بهذا التطور. وثمة من يرى ذلك بوصفه طفرة تكنولوجية هائلة. يجب تسخيرها بدقة وعناية مركزة، فضلاً عن استغلالها في التنظيم، وتوظيفها جيدًا بالتحليل والتسويق …وغيرها.
فكرة القدم (الساحرة المستديرة) بدأ الذكاء الاصطناعي يقترب شيئاً فشيئاً من تخومها، حيث تجربة مونديال قطر 2022 التي أبهرت العالم باستعمالها تقنيات عدة، إذ لأول مرة يخترق الذكاء الاصطناعي عالم كرة القدم حين صنعت شركة “Adidas”، كرة قدم تحتوي على مستشعر حركة بالداخل، حيث يُبلغ المستشعر عن بيانات الموقع الدقيقة للكرة كل 500 مرة في الثانية، وتارة أخرى نرى تحليل بيانات واستنتاجات مبنية على الأرقام، وبعظهم وظف التشكيلات المبنية على تنبؤ الذكاء الاصطناعي متناسين الواقع وما قد يؤثر فيه على اللاعبين في أثناء الـ 90 دقيقة من تحفيز وتشجيع وخذلان إضافة إلى إفساد متعة كرة القدم التي تشد المتلقي إلى آخر ثواني المباراة. ثمة تساؤلات مهمة بهذا الشأن، هل فعلاً هذا الاقتحام السريع والمباغت لعالم الكرة سيكون مقروناً بما يفسد المتعة المتحققة ولاسيما عنصر التشويق فيها؟ وهل سيؤثر دخول الذكاء الاصطناعي باتجاه معطيات الموهبة والمهارة، والاستعدادات البدنية المتباينة للاعبين، والوضع السيكولوجي المتقلب طوال دقائق المباريات؟!
تحدثنا آنفاً عن الذكاء الاصطناعي بالإشادة فيما يتعلق بمونديال قطر 2022، لكن وجب الانتباه إلى أن هناك خيطًا رفيعاً بين التوظيف النافع للمشاهد واللاعب، والمدرب، ليخدم هذه اللعبة وبين استعماله كأداة كبح واقصاء وتهميش، إذ يخشى بالزمن المقبل أن يتحول إلى أداة تضر بمصالح المنتخبات، واللاعبين، والمدربين، عن طريق حكام فاسدين يقدمون الخدمة لصالح منافسين أو متنفذين عبر ترويج معلومات أو بيانات قد تكون غير دقيقة أو مغلوطة، تُفبرك عبر الذكاء الاصطناعي، كالتلاعب المعمق بوساطة فبركة رقمية بمقدورها أن تغير الصورة وبجودة ممتازة، لدرجة تجعل من المتعذر على المشاهد التمييز بين الحقيقة والخداع. إذ أثارت هذه التقنية أزمة لحكومات، وكبار الشخصيات السياسية، وشركات الإنترنت وغيرها، لكونها تمتلك التأثير الشيطاني الإلكتروني، كصناعة أخبار الإشاعات، من أجل خلق البلبلة، أو التعتيم والتضليل لتزييف الأحداث، حتى وصل الغش في فيديوهات اللاعبين، عن طريق تصعيد أحدهم على حساب الآخر، وأمور أخرى تخص تقنية حكم الفديو المساعد الـ «Var “ إضافة إلى المخاطر الاجتماعية، حيث التلاعب عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي جندت خوارزمياتها الفعالة جداً في معرفة اهتمامات ورغبات وأسرار المستخدمين، إذ يمكنها تركيز الضوء عبر منصات التواصل الاجتماعي لاسيما على بعض اللاعبين أيام رواج سوق الانتقالات، إذ تؤيد خبر وتدحض آخر بشأن القيمة السوقية للاعبين، وتشييد بحكم ما وتذم آخر أو التشكيك في تنظيم بطولة ما. إذ للأقصاء نصيب عبر المخاطر المتوقعة من الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن للآلات جمع الكثير من المعلومات، والبيانات، والتعقب، والتحليل، لذا بالإمكان توظيف هذه المعلومات للتضليل. لتستغل الثغرات في إبعاد واقصاء أي مسؤول أو إداري في الاتحادات أو مدرب وحتى اللاعبين. وبالنظرة الإيجابية هناك التمجيد بالذكاء الاصطناعي، حيث الاستعانة به للتحكيم وللمدربين ولمسؤولي المسابقات في الاتحادات والمؤسسات الرياضية التي تقلل من اعتمادها على بدائل تقليدية، لذا من الممكن الاستغناء عن العديد من الوظائف البشرية، والاستعانة ببديل الكتروني كتقليل عدد الحكام ليكون الكترونياً، أو جعل مساعد مدرب افتراضي مبني على أرقام وبيانات …
بعد تسليط الضوء على بعض المخاطر لا بد من تشديد الحذر بشأن استحواذ الآلات لعالم المستديرة الساحر، ومراعاة العمل بعناية فائقة لتمييز الحد الفاصل بين التوظيف الآلي والبشري. عموماً مهما حاولت الجهات المتطيرة من الذكاء الاصطناعي أن تحتاط إلا أن ذلك لن يجدي نفعاً