في‭ ‬مقتبل‭ ‬عمرها‭ ‬الموزع‭ ‬بين‭ ‬المنافي‭ ‬ومشافي‭ ‬الرحمة‭ ‬تركت‭ ‬مريم‭ ‬الحسيني،‭ ‬وهو‭ ‬اسم‭ ‬مستعار‭ ‬نثار‭ ‬تجربتها‭ ‬الحياتية‭ ‬على‭ ‬رفوف‭ ‬الذاكرة‭ ‬المعرفية‭ ‬،‭ ‬كان‭ ‬مسار‭ ‬الاشتراكيين‭ ‬مطلع‭ ‬الستينات‭ ‬عنيفا‭ ‬الى‭ ‬درجة‭ ‬الطغيان‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬لدى‭ ‬الاسلاميين‭ ‬الا‭ ‬القران‭ ‬والاحاديث‭ ‬ورعب‭ ‬الفتاوى‭. ‬دخلت‭ ‬مريم‭ ‬الحسيني‭ ‬عالم‭ ‬المعارضة‭ ‬السياسية‭ ‬بكل‭ ‬عنفوان‭ ‬القبيلة‭ ‬التي‭ ‬تنتمي‭ ‬اليها‭ ‬وسحر‭ ‬جمالها‭ ‬السومري‭ ‬وذكائها‭ ‬المتقد‭ ‬،‭ ‬حيث‭ ‬اكملت‭ ‬كلية‭ ‬الهندسة‭ ‬في‭ ‬الكهرباء‭ ‬عادت‭ ‬لنحصل‭ ‬على‭ ‬بكلوريوس‭ ‬في‭ ‬الادب‭ ‬الانكليزي‭ . ‬في‭ ‬مجمل‭ ‬عملي‭ ‬كمحاضر‭ ‬في‭ ‬الترجمة‭ ‬الفورية‭ ‬استفزني‭ ‬ذالك‭ ‬المسار‭ ‬الاكثر‭ ‬غموضا‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬

حيث‭ ‬يعتقل‭ ‬ابوها‭ ‬وتصادر‭ ‬امواله‭ ‬ودار‭ ‬سكن‭ ‬العائلة‭ ‬اثر‭ ‬تقرير‭ ‬امني‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬العائلة‭ ‬المسالمة‭ ‬والمتطلعة‭ ‬الى‭ ‬المعرفة‭ ‬مجرد‭ ‬نثار‭ ‬وهشيم‭ ‬يعجز‭ ‬اللسان‭ ‬البشري‭ ‬عن‭ ‬وصفه‭. ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مريم‭ ‬كبيرة‭ ‬الاسرة‭ ‬وحسب،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬ايضا‭ ‬الملاذ‭ ‬الامن‭ ‬لاخوتها‭ ‬وامها‭ ‬ولكثيرين‭ ‬من‭ ‬رفقاء‭ ‬النضال‭ ‬والتنظير‭ ‬من‭ ‬الذي‭ ‬حلموا‭ ‬وما‭ ‬زالوا‭ ‬يحلمون‭ ‬بغد‭ ‬اجمل‭ ‬وعراق‭ ‬ابهى‭ ‬ومستقبل‭ ‬اكثر‭ ‬انسانية‭ ‬واقرب‭ ‬الى‭ ‬التحضر‭ ‬منه‭ ‬الى‭ ‬التذمر‭ ‬والتعذيب‭ . ‬وضعت‭ ‬مريم‭ ‬في‭ ‬سجل‭ ‬اولوياتها‭ ‬ضرورة‭ ‬كسب‭ ‬رجال‭ ‬الامن‭ ‬والمخبرين‭ ‬ممن‭ ‬يعدون‭ ‬التقارير‭ ‬اليومية‭ ‬وممن‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬موقف‭ ‬لعشرة‭ ‬ملايين‭ ‬يراقبون‭ ‬‮٣٠‬‭ ‬مليونا‭. ‬قالت‭ ‬لاحمد‭ ‬مساعدها‭ ‬وهي‭ ‬تتأبط‭ ‬يده‭ : ‬متى‭ ‬نرى‭ ‬الحرية‭ ‬جهرة‭ ‬؟

فرد‭ ‬عليها‭ ‬المسكين‭ : ‬كوني‭ ‬حذرة‭ ‬،‭ ‬فالهواء‭ ‬يسجل‭ ‬اقوالنا‭ ‬

تمادت‭ ‬على‭ ‬العشب‭ ‬في‭ ‬حديقة‭ ‬معزولة‭ ‬ورمقت‭ ‬السماء‭ ‬بنظرة‭ ‬شجاعة‭ ‬وقد‭ ‬راحت‭ ‬يدها‭ ‬تسحب‭ ‬سلاحا‭ ‬شخصيا‭ ‬من‭ ‬حديقتها‭ ‬ودغدغت‭ ‬به‭ ‬ظهر‭ ‬احمد‭ ‬المتطلع‭ ‬الى‭ ‬جريان‭ ‬نهر‭ ‬بابل‭ ‬

وعندها‭ ‬نهض‭ ‬احمد‭ ‬المرتبك‭ ‬دوما‭ ‬وهو‭ ‬يردد‭ :‬

لماذا‭ ‬تركوا‭ ‬نصف‭ ‬انخابهم‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬مظفر‭ ‬النواب‭ ‬؟‭ ‬

فردت‭ ‬مريم‭ ‬وهي‭ ‬تضحك‭ ‬كالمنتصر‭ ‬والمكابر‭ : ‬لقد‭ ‬قتلت‭ ‬احدهم‭ ‬ليلا‭ ‬في‭ ‬الزقاق‭ ‬ودخلت‭ ‬بيتا‭ ‬فارغا‭ ‬بقيت‭ ‬فيه‭ ‬حتى‭ ‬الصباح‭ ‬وعدت‭ ‬لاهلي‭ ‬لا‭ ‬احلم‭ ‬بشي‭ ‬سوى‭ ‬الحب‭ ‬

ضحك‭ ‬احمد‭ ‬مشككا‭ ‬في‭ ‬روايتها‭ ‬ومشيا‭ ‬الى‭ ‬حافة‭ ‬الجسر‭ ‬وعندها‭ ‬قبلها‭ ‬وافترقا‭ ‬،‭ ‬ليشاهد‭ ‬احمد‭ ‬حملة‭ ‬تفتيش‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬امراة‭ ‬بلباس‭ ‬اسود‭ ‬وبمواصفات‭ ‬مريم‭ ‬،‭ ‬ابتسم‭ ‬احمد‭ ‬واكمل‭ ‬طريقه‭ ‬الى‭ ‬المكتبة‭ ‬العامة‭ ‬

وهو‭ ‬يردد‭ ‬اغنية‭ ‬ايطالية‭ ‬قديمة‭ ‬تقول‭: ‬كم‭ ‬نجهل‭ ‬اشياء‭ ‬عن‭ ‬الحب‭ ‬Inline‭ ‬

قبل aktub falah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *