في العراق، لا توجد ثقافة ان يستقيل وزير أو محافظ أو مدير عام، اعترافاً بالتقصير أو الخطأ أو انحناءاً لذوي الضحايا عندما تحدث كارثة، مثل ما كان في حريق قاعة الاعراس في قرقوش في نينوى. وقبل ذلك حدثت كوارث حريق في مستشفيات في بغداد والناصرية، ولا أحد من أعضاء الحكومة ينتابه الشعور بضرورة تقديم الاستقالة. الجميع وصلوا للمناصب عبر المحاصصة ذات الارتباطات الرأسية بصاحب» الغلة»
لذلك نرى الكوارث التي يصنعها البشر بإهمالهم أو فسادهم تتكرر شهراً بعد شهر وعاماً بعد آخر.
مَن الذي أعطى الموافقة على صلاحية مواد بناء قاعة الاعراس المدمرة بالحريق في دقائق، ومَن الذي أجاز طريقة البناء، وهل توجد مطالعة رخصة من الدفاع المدني بعد انجاز تشييد مبنى مخصص لاستيعاب مئات الأشخاص، توضح حقيقة وضع شروط الأمان إن كانت متوافرة فيه ام غائبة؟
أي جهة أو وزارة مسؤولة؟ قبل الدخول في متاهة من هو الشخص الأول الذي ينبغي ان يتحمل المسؤولية عند وقوع المصائب، نذكر انّ من أصول العمل ان يراجع أيّ وزير جديد سياقات العمل للوزير الذي سبقه، وكذلك المحافظ او المدير العام. لابد من صلات في سلسلة العمل لا تنقطع مع خروج وزير ومجيء آخر جديد.
مسألة التملص من تحديد صاحب المسؤولية قديمة في البلد، ولعلها متناسلة من مواقع السياسيين المتقدمة في القمم حتى الواقفين عند السفوح والوديان، لذلك ستطوى هذه الملفات كأنّها لم تفتح، تحت مبررات كثيرة مع تقادم الزمن على الكارثة.
من هنا أرى انَّ من الوجوب أن تكون هناك لائحة مراجعة ملزمة يقوم بها أي وزير جديد لفحص اركان واشتراطات سياقات العمل في وزارته في خلال السنوات السابقة، وعلى الوزير ان يراجع اجازات البناء بنفسه قبل ان يحيلها الى لجنة برئاسة وكيل من وكلائه شبه الزائدين عن الحاجة للمتابعة.
لنسمع من الحكومة شيئاً عن توصيف دقيق لحدود المسؤولية التي لا تتضح من خلال القبض على أصحاب قاعة الاعراس الذين، ربما، لم يواجههم أحد بالاشتراطات الآمنة والعالمية في بناء المباني ذات الخدمات العامة. لذلك يكون من الاجدى القبض على المسؤولين الذين تمّت في فترتهم عملية إجازة صلاحية البناء وصولا للوزير المختص القديم أو الحالي الذي لم يكلف نفسه عناء التفكير بسلامة البشر