نحن شعوب لا تكترث لإجراءات السلامة والأمان فلا يكاد يمر يوم يخلو من أنباء صادمة ومشاهد لحوادث وحرائق وانهيارات في مختلف المدن العراقية، مع تسجيل خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، فقد تجاوزت حوادث الحرائق في العراق خلال العامين السابقين (55) ألف حادث تسببت بمقتل المئات من الضحايا، وخسائر مادية قدرت بنحو(2.8) مليار دولار أمريكي.
وهذه الارقام تكشف عن وجود تقصير كبير في الاستجابة للكوارث، وضعف في التنسيق ونقص في وسائل الإنقاذ وعجز في الموارد الطبية واللوجستية لاستيعاب الضحايا والجرحى والمصابين، ويعدّ حريق قضاء الحمدانية كارثة مأساوية أليمة بعد ان تحولت قاعة الأعراس الى محرقة لمئات الأطفال والنساء، فضلاً عن كونها ملف تقصير فاضح يضاف إلى الملفات الاخرى.
أن السلطات العراقية مطالبة بمحاسبة المسؤولين عن ما حدث كونه جريمة قتل وإن كان بغير عمد وليس حادثاً عرضياً، كما ان الحادث يعكس الحاجة إلى تفعيل إجراءات الرقابة على إجراءات السلامة ومنظومات الدفاع المدني فحوادث الحريق السابقة في مستشفى ابن الخطيب في بغداد ومستشفى الإمام الحسين في الناصرية وقعت بسبب الإهمال والتقصير ومن المحتمل وقوع حوادث مفجعة في المرحلة المقبلة لا قدر الله في ظل التطرف المناخي وارتفاع درجات الحرارة إن لم تشدد الرقابة والمتابعة الحكومية لتلك الإجراءات، كما اننا بحاجة ماسة لمراقبة اجراءات الامان في مختلف الابنية والقطاعات لتعزيز ثقافة السلامة وتحديد المخاطر المحتملة، واتخاذ خطوات لمنع الإصابات وإجراء تمارين على السلامة وتدريبات الحريق والإخلاء في حالة الطوارئ.
وما إن خمدت نيران المأساة حتى تعالت التصريحات المطالبة بتشكيل اللجان وبيان الجهات المقصرة ، ومن المؤكد أن التحقيقات لن تعيد الحياة لمن رحلوا ، لكنها ضرورة لابد منها نحاول من خلالها كشف الخلل وبيان السبب، ومحاسبة المقصرين ، وفي ذلك تحقيق للعدالة، ودعوة لإعادة النظر في هذا الملف المفخخ بكلّ أسباب الإهمال والفشل والتقصير، وهي أيضا عزاء لعوائل الضحايا، وتخفيف من آلامهم، وتضامنا وجدانيا وإنسانيا مع فاجعتهم الكبيرة، وهي مصيبة شعب، ومحنة وطن، رحم الله الضحايا وشملتهم مغفرته ورضوانه، وشافى الله المصابين، وألهم أهليهم الصبر والسلوان..