تنازع أهل الأختصاص والأدب والفقاهة  ، الرأي فيمن قال بيت الشعر الذائع المنقول المتواتر ، القديم المتجدد ، الصالح لكل زمان ومكان ، مَتى يَبلُغُ البُنيانُ يَوماً تَمامَهُ    إِذا كُنتَ تَبنيهِ وَغَيرُكَ يَهدِمُ ، بين من قال أنه لبشار بن برد ، وبين من ذهب إلى نسبته لصالح بن عبد القدوس ، وبين من نسبه لعمرو الأسدي ، وأياً القائل يبدو أنه اكتوى بنيران ديمقراطية مشوهة كما ديمقراطيتنا الوليدة، ناصبها العداء الكافة ، وتلاقفتها الأهوال والأهواء ، وتنازعها طرفان ، طرف ظل يبكي على الأطلال ، فخرّب من أجل ما فاته ما يمكن كسبه ، وطرف سعى على غير رشد الى تعويض ظلامات الماضي ، فحث الخطى دون تخطيط وحرق المراحل دون انتظار التسلسل الطبيعي ، وترك الخطة واستبدلها بالغيرة والاستثناء، فخسر تاريخ  وأرث وسمعة وظلامة وقريباً حكم . وبالقطع أن الجدد على الحكم ، المغيبين عنه دهر وقرون ، الأقلية نسبة لشركاء الدين في العالم ، أقبلوا عليه ظانين أن الطريق لهم معبّد ، وأن الزمن دار دورته فحط في مدارهم ليكون الحكم لهم  ، وإدارة الشأن فيهم ، والقرار قرارهم ، وهم لا يعلمون أن أروقة سرية تقود بلدان ناهضة ، فإدارة الدول منظومة ، ومصالح ، ومخططات ، وتبادل أدوار ، وعلى ظلال من ظن أنه شأن خاص ، واللافت أنهم وبعد كشف المستور ، وتبين الخيط الأبيض ، والوقوف على بعض خفايا لعبة الدول ، لم يصححوا المسار ، ولم يعيدوا الحساب ، ولم يرمموا ما تصدع

 

، لاعتقادهم أن الأصل في اعادة بناء الدول ، طول الأمد ، ووعورة الطريق ، وكثرة التحديات ، والصبر على الأهوال ، واللافت أكثر أن من تصدى ولما يزل يعتقد أن كل التحديات التي واجهة العراق بعد سنة 2003 هي تحديات طبيعية تواجه كل بناء جديد أو إعادة بناء ، فإنقسام المجتمع على أساس الهوية الفرعية مسألة طبيعية نتيجة تشبث طائفة بما تعتقد أنه من مختصاتها ، وإقصاء قادم لمن حكم وملك على مدى عقود وقرون ، أما الاستقطاب القومي الذي تصدر المشهد فكان عنده طبيعي ، نتيجة الموروث والمتراكم وتعارض المصالح وتضاد المطالب  ، وأَمّل النفس بأن الإرهاب الذي أراق الدم ، وهجّر الأسر ، وأهلك النسل ، وجاء على الحرث ، وقسّم الشعب ، وأخرج المال ، هو تشكل اجتماعي طبيعي مر ضيفاً على كل الدول دون استثناء ، لكن المقام طاب له في العراق ، فأستوطن والأمر لا يعدو عنده ظاهرة غير شاذة ، والعراق كريم لا يمل الضيف ، وانتشر الفساد ، وعمت الفوضى ، وتراجع التعليم ، ومات الطب ، وهُرّب المال للخارج ، والأخ الأكبر تحمل الوزر ، وألصقت به التهمة ، كيف لا وقد زُين له مال المظلوم ، ومُلك الوطن ، وحق اليتيم ، فأمتدت يده له ، فتحمل رجسه ، وراح الشريك يعبث بمال الوطن ، نهباً وسلباً وتبذيراً وتبديداً وتهريباً ، وهو آمن مطمأن أن المتصدي سيحمل الوزر كله لا جله ، كيف لا وهو في الواجه ، بأسمه يُقاد الوطن ، وبأغلبيته تتشكل الحكومة ، وبمقاعده تتكون قيادة السلطات كافة . على قادة المكون الأكبر اليوم أن يكونوا أكثر حرصاً على أرث وتاريخ وبناء معنوي ، حرص السلف على تشييده بدمه وعرقه ومناصبته الطغاة العداء ، فقدم بعضهم النفس ، وأختار البعض التنقل بين الأوطان حملاً للرسالة ، ونقلاً للظلامة ، وغادر الثالث الأمن حاملاً كفنه من أجل إثبات أحقية قضيته ، ورفض ظلم ومقاومة طغيان ، فمن أجل ذلك كله على المتصدي أما أثبات جدارته بالحكم ، وحمل الرسالة وأداء الأمانة ، أو تسليم ما حمل استثناءً لمن قُدر له ذلك على مدى قرون وعقود ، فالحكم في حالته المثالية وسيلة لبناء وطن وإسعاد شعب ورفاهية رعية ، وهو في حالته الشائعة عبث ومفسدة ولغو ووسيلة لبناء مجد شخصي ، والسعيد من استعرض التجارب ، واتعض بمن ارتبط اسمه بنهضة وطن وتشييد مدنية ، فالحكم الى زوال والتاريخ محفوظ تتناقله الأجيال .

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *